من خلال تأمّلي للواقع، واستقراء أحداث التاريخ ومطالعة كتب الأقدمين،
خلصت إلى أن العمل الصالح يكافئ الله فاعله في حياته، وكذا يكافئ ذريته على
صلاح جدهم، ويمتد آثر هذا الصلاح حتى الجيل السابع أو العاشر من الأحفاد،
بل وأحياناً يمتد أثر الصلاح هذا إلى ما شاء الله - إلى يوم الوقت المعلوم -
ولنتذكر في هذا الموضع قول الله تعالى (وكان أبوهما صالحاً) على إختلاف
التأويلات عن كينونة "أبوهما" ذا، وهل هو والدهما أم أحد أجدادهما.
كما أن العمل السيئ يجازي الله فاعله في الدنيا، ويمتد آثر هذا الجزاء حتى
الجيل الرابع لفاعل الفعل الآثم .. وقد جاء في "إنجيل برنابا" - على لسان
المسيح عيسى بن مريم عليه السلام - عن هذا: ( إني أنا إلهك قوي وغيور ينتقم
لهذه الخطيئة من الآباء وأبنائهم حتى الجيل الرابع ) ا هـ .
قال
الله تعالى في كتابه الكريم: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) ، وقال: (وأَصلح
لي في ذريتي) ، وهاتان الآيتان من الدلالات الواضحة على بُعد آثر العمل
الصالح، وسريان بركته في الأحفاد وأحفاد الأحفاد. وقال سيدنا أبي بكر
الصديق: (من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه)، و(صنائع المعروف تقي مصارع
السوء).
ولعل لهذا الأمر حثّ الشرع على تخير الزوجات الصالحة من
البيوتات الصالحة، وتجنب (خضراء الدمن) النساء الصالحات في منابت السوء،
وجاء في الأثر أو حكم الأولين (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)، لتجنب سريان
"الشر المتوارث" من الأجداد الفسقة الظلمة، أو - و - لتحري أبناء وأحفاد
الصالحين، لعل بركتهم تصل إلى من سيخرجون من أرحام زوجاتهم. والله أعلم.
أحمد فرغل الدعباسي البكري