(( الإثنيات العرقية والتقسيمات القبلية في صعيد مصر الأبية ))
صعيد مصر , تلك الجنة الأرضية والروضة المصرية والتحفة النيلية , هذا
الصعيد الصاعد السامي , الصعيد الأخضر الذي يشق صحراء مصر الجرداء , والذي
يشقه نيل مصر العظيم , هذا الصعيد الذي كان مسكنا ومأوى لأكثر أجناس الأرض
!! , فقد سكنه الفراعنة القدماء والنوبة والأقباط والهكسوس والفرس وبني
إسرائيل واليونان والإغريق والرومان والترك والعرب والجركس والكرد والحبش
والزنج والبربر وأجناس أخرى كثيرة .
فاليوم الصعيد عبارة عن قطعة حلوى بها كل الألوان والأشكال , يجمعها دار
واحد ودين واحد ومصر واحد فالحمد لله الواحد , مجمع وموفق الخلائق .
كنت قد ترددت كثيرا قبل أن أسطر هذه السطور لما لهذا الموضوع من حساسية
شديدة في بيئتنا , ولكن هذا الأمر له من الأهمية بمكان , حيث أنه أمر واقع ,
علمه من علمه وجهله من جهله , ونحن نحب أن نتعلم كل جديد ومفيد ,
والتعارف بين الناس هو من أسمى المطالب , فعليه نقول , وقبل أن نقول نصلي
على سيدنا محمد النبي الرسول وعلى اهل بيته وصحابته على مر العصور .. وبعد :
أغلب سكان صعيد مصر "الأعلى والأوسط والأدنى والأقصى" ينقسم إلى طوائف
معروفة أسمائها وأبنائها , نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر :-
- السادة الأشراف.
- العرب .
- مشايخ العرب .
- الأقباط .
- الفلاحين .
- الهوارة .
- البرابرة .
- الأتراك .
- المماليك .
- العبيد .
- النوبة .
- الجراكسة .
- الغجر .
- الحلب .
- النّور .
- المساليب .
- الغوازي .
- الجمسة .
- السقاقوة .
- البجاة .
هذه كانت نبذه مركّزة عن أهم فرق وطوائف أهل الصعيد وإن لم يكن أهل مصر
كلها , وقد توارث كل من أبناء هذه الطوائف النسب الي أجداده وورث الإعتزاز
بنسبه والفخر بحسبه , كل في مكانه وموضعه , فالله جعل الناس شعوبا وقبائل ,
جعل منهم شعوبا كالعرب والفرس والروم , وقبائل كـ قريش وتميم وهوازن ,
وأحرارا وعبيد , وسادة وأشرافا وعواما , إلى اخره من هذه التفاضلات بين
البشر والتي لم يجعل الله للإنسان دخل في تكوينها , ولم يجعل له أيضا ضررا
منها , بل كان الفيصل هو التقوى , فالرجل التقي أفضل من الرجل الفاجر وإن
إختلف نسبهم وحسبهم .
نبدأ لنفصّل – بما قدرنا – نبذه مختصرة عن كل هذه الفرق , وندعوا الله تعالى أن يوفقنا فيما ذهبنا إليه :-
1- السادة الأشراف : وهو على العموم كل من ساد وشرف في قومه , ففي كل
قوم يوجد شرفاء وسادة , ولكن بعد ظهور الإسلام ومرور القرون , أصبح مفهوم
"السادة الأشراف" في زماننا المعاصر مقيدا على أشرف قبيلة في العرب والعجم ,
وهم بنو هاشم "أهل البيت" قوم سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم , فكل من
ينتسب إلى "هاشم بن عبد مناف القرشي" فهو من السادة الأشراف.
2- العرب : وهم – كما ورد في الحديث الشريف – صفوة بني أدم , حيث أن
الله قد اصطفى بني إسماعيل الذبيح – عليه السلام – من بني أدم , واصطفى
"كنانة" من العرب واصطفى "قريش" من كنانة , واصطفى "بني هاشم" من قريش ,
والعرب ينقسمون الي جذمين كبيرين هم "قحطان" و "عدنان" , وكل من ينتسب
إليهم نفسا أو حلفا أو موالاة فهو عربي , والأن إختلف المفهوم قليلا وكثيرا
, فاليوم كل من نطق لسانه باللغة العربية فهو عربي ! , ولهذا القول شاهد ,
حيث روي أن العربية ليست نسبا ولكن هي لسان , ويطلق اليوم على ابناء الشعب
العربي لقب "العرب" أو "العربان" , والاختلاف بينهم طفيف , حيث أن العربان
تعني العرب الذين مازالوا على حالة البداوة أو قريبا منها وعلى شاكلة
أعراب البوادي من غزو وكر وفر وغيره من هذه الأمور , ومن أمثله قبائل العرب
في الصعيد نذكر "قبيلة جهينة" , و"قبيلة الجعافرة" , و"قبيلة الحويطات ".
3- مشايخ العرب : لكل قبيلة – عربية أو غير عربية – شيخا جامعا لها ,
يسمى بشيخ العرب أو شيخ العربان , ويلقب أهل بيته وذريته بلقب "مشايخ
العرب" , وما أكثر القبائل المسماة بهذا الإسم في الصعيد , حيث أننا لو
ذهبنا إلى أي قبيلة في الصعيد , ولتكن "الهوارة" مثلا , فاننا سنجد بها
بطنا يسمى "مشايخ العرب" وهم من كانت فيهم مشيخة هذه القبيلة وهم "بنو عمر
بن عبد العزيز الهواري" قديما , وهناك مشايخ للعرب جامعين لعدة قبائل وليس
لقبيلة واحدة , ففي كتب التاريخ سنجد الأتي , فلان بن فلان "شيخ مشايخ
عربان البحيرة" , و "شيخ مشايخ قبائل الهوارة" , "شيخ شمل قبائل بني فلان" ,
وهكذا , ومن أمثلة القبائل المسماة بمشايخ العرب في الصعيد , نذكر منها
على سبيل المثال قبائل "أولاد محمد و أولاد منصور" , المشهورين بلقب "مشايخ
عرب دنفيق" , وهم أهلي وقومي الذين أنتسب إليهم , فقد كانت فيهم مشيخة
قبيلتهم "عرب قصاص" فتسموا بمشايخ العرب , ونذكر أيضا شخصا لقب بشيخ العرب
وهو "همام بن يوسف الهواري" , حيث كان شيخا لعموم قبائل الهوارة ومن حالفهم
في الصعيد في زمانه.
4- الأقباط : وهم – كما يقال – ذرية قبط بن مصرييم بن حام بن نوح عليه
السلام , وهم أصحاب مصر الأصليين ومن سميت مصر بإسمهم , وأغلب أقباط مصر
اليوم قد صاروا مسلمين وجهلت أنسابهم وبقاياهم اليوم , غير أن أكثر بقاياهم
اليوم اعتبرت ضمن طائفه "الفلاحين" التي سيأتي تفصيلها لاحقا , وبقية
الأقباط الذين لم يدخلوا في الإسلام ظلوا على دينهم إلى اليوم , ولكن ليس
كل نصارى مصر اليوم من نسل الأقباط هؤلاء !! , ولكن غلب عليهم اللقب , وقد
ثبت علميا أن أكثر نصارى مصر اليوم والمشهورين بإسم الأقباط إنما هم من
بقايا "اليونان والإغريق والمقدونيين والرومان وطوائف أخرى" , حيث أن أكثر
نصارى مصر كانوا بالإسكندرية في الزمان الأول , وكان سكان الإسكندرية
يمثلوا نصف سكان مصر كلها , وأغلب سكان الإسكندرية هم من المقدونيين
واليونان الذين قدم بهم الإسكندر الاكبر المقدوني لمصر , وباقي أهل مصر كان
أكثرهم على الوثنية إلى أن جاء الإسلام فدخلوا فيه , وكذا نلاحظ أن
الأقباط القدماء كانت أشكالهم أقرب الي الشكل الافريقي أصحاب الشعر الأجعد
والبشرة السمراء وصور ونقوش معابد الفراعنة شاهدة وتبين ملامحهم جيدا ,
ولكن اليوم إن نظرنا إلى أشكال وملامح أقباط مصر "النصارى" سنجد ملامحهم هي
نفسها ملامح الأوربيين من بياض وحمرة في البشرة وغيره, وهذا الأمر قد
يجهله بعض الناس .
5- الفلاحين : وهو مسمى يختلف معناه وتبعاته تبعا لاختلاف المكان
والأشخاص , فاولا قيل ان هذا اللقب مشتق من "الفلاحة" وهي تعنى الزراعة ,
فمن كان يقوم بها فهو "فلاح" أي مزارع , وقد عثرنا في كتب التراث ما يفيد
بهذا , حيث وصف من يقوموا بالزراعة بلقب "الفلح" وهم الفلاحين , وهم نقيض
"العربان" اصحاب البداوة , وذكر أن مهنة الفلاحة لا يقوم بها الا القبائل
الضعيفة التي استذلت , والعربان يتصفون بصفات مناقضة لصفات "الفلح" حيث أن
"الفلاحين" قد يمتهنوا ويشتغلوا في مهن يراها "العربان" أنها مهن وضيعة مثل
"السقاية والحجامة والحلاقة وغيرها" , وليسوا أصحاب غارات وصولات وجولات
مثل مناظريهم . وهناك قول أخر حول "الفلاحين" وهو أنه كان يطلق على المصري
النصراني الذي دخل في الإسلام لقب "فلح" وهي تعنى أنه أفلح في تركه
للنصرانية ودخوله في الإسلام , فاصبح يلقب كل الذين اسلموا بهذا الإسم
"الفلاحين" , وهذا القول لا أراه صائبا تماما , حيث أننا وجدنا في كتب
التاريخ والأنساب قبائل عربية صريحة النسب , وكانت ضمن طائفة "الفلاحين"
وإنما لقبت بالفلاحين نظرا لاشتغالهم بفلاحة وزراعة الأرض, هذا ما كان
بخصوص اللقب . أما التقسيم القبلي فيختلف بإختلاف المكان والأشخاص , فعند
العربان الذين مازالوا على حالة البداوة يكون "الفلاحين" هم من سواهم من
أهل القرى والأرياف وان كانوا من ابناء القبائل العربية الصريحة , وعند بعض
القبائل العربية التي نزلت من البادية واستطونت الريف , يكون "الفلاحين"
هم اصحاب البلد الأصليين الذين كانوا بشتغلون بالفلاحة في زمن مجئ هؤلاء
العربان الي البلدة , فيطلق عليهم الفلاحين حتى لو اشتغل العربان هؤلاء
بمهنة الفلاحة ايضا بعد مجيئهم . وفي بعض البلاد يطلق القوي لقب "الفلاح"
على الضعيف , فنجد أن قبائل من "الهوارة" أطلقت لقب الفلاحين على قبائل
عربية صميمة في بلادها التاريخية , نظرا لقوة الهوارة في زمانهم وتفوقهم
على هذه القبائل , ولكن هذه التقسيمة زالت بعدما تكافئ النظريين , فاسترد
العرب لقبهم مرة أخرى .
فعليه يكون هذا التقسيم "الفلاحين" ليس تقسيما عرقيا أو متعلق بالنسب
بالأساس , ولكنه متعلق بظروف معيشية أو سياسية , وعادة لا يزوج "العربان"
أو "العرب" نسائهم لطائفة "الفلاحين" حيث يرونهم ليسوا أكفاء لهم في النسب ,
بينما يتزوج العربي من "الفلاحين" , وهذا الأمر يعيب عليه البعض حيث
يقولوا ويستشهدوا بأن "المسلم كفء للمسلم" و"لا فرق بين عربي وأعجمي" و"من
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" , ولكني أرى – من وجهة نظري – أن هذا
الأمر هو من الأمور الاختيارية في الشرع , فقد ألزم الامام الشافعي في
مذهبه لصحة عقد النكاح أن يكون هناك تكافئ في النسب بين الزوجين , وايضا
فإننا مأمورين بأن نعمل بالـ "عرف" , مالم يتعارض مع الدين , والعرف العربي
منذ القدم يقول بتكافئ النسب كشرط للزواج , وهذا العرف ليس متعارضا مع
الشرع بدليل قول الإمام الشافعي , وقد علمنا بتطليق إمرأة عربية من زوجها
"الخضيري" بالسعودية - والخضيري عندهم يساوى "الفلاح" في الصعيد - امرت
المحكمة بفسح الزواج بسبب عدم الكفاءة في النسب وبسبب انه قد تحدث اضرار
اكبر من المفعة المترتبة على هذه الزيجة .. والله أعلم .
6- الهوارة : هي قبيلة بربرية أمازيجية الأصل , من بلاد المغرب , وقد
هاجرت لمصر قديما , وسكنت بالصعيد , وقد دخل بها كثير من قبائل العرب عن
طريق الحلف بين القبائل , فصارت اليوم "الهوارة" عبارة عن خليط من القبائل
العربية والبربرية , تشترك في لقب الهواري وتتباين في أنسابها , ويشتهر
الهوارة بإسم شعبي وهو "الهواوير" أو "الهواورة" , وقد كانت لهم شبه دولة
في الصعيد تمتد من جنوب الجيزة إلى أقصى الصعيد .
7- البرابرة : وهو مشتق من كلمة "البربر" كنسب أو كصفة , فالنسب هو
"البربر الأمازيج" وهم شعب يسكن ببلاد المغرب العربي , ولكن لكلمة
"البرابرة" بالصعيد مدلول خاص جدا قد لا يعلمه كثير من الناس من سوى أهل
الصعيد , فالبرابرة تعنى هنا "شعب النوبة" اصحاب اللكنة الشبيهة بلكنة
"البربر" , فأطلق على أهل النوبة لقب "البرابرة" , ولكن أهل النوبة ينفرون
من هذا الإسم , وحاليا لا يقول هذا المصطلح سوى كبار السن من أهل الصعيد ,
وهذا اللقب قارب على الإنقراض أو الإنحسار التدريجي .
8- الأتراك : وهم الجنس التركي على عمومه , حيث أن الترك هم شعب كبير
يسكن رقعة كبيرة جدا من قارة اسيا , فالترك شعب وأمة كبيرة , منها بقايا في
الصين ومنها التتار والمغول ووكثير من الشعوب الأخرى , وبعض الناس يظن أن
دولة "تركيا" فقط هي بلاد الأتراك وهذا خطا . وقديما كان يطلق على أهل بلاد
وسط اسيا وجبال القوقاز لقب الأتراك , وخاصة شعوب " التركمان والشراكسة أو
الجراكسة والتتر والغزّ وغيره من شعوب هذه المنطقة" , وأيضا فإن مصطلح
"الأتراك" في الصعيد يعني بشكل أساسي "المماليك بيض البشرة" , لان أكثر
المماليك بيض البشرة كانوا من الجنس التركي "شراكسة أو تركمان أو تتر أو غز
وغيره" , ومازال بقايا المماليك البيض يسمون إلى اليوم بالأتراك , وإن كان
منذ عهد قريب نسبيا قد شاركهم في هذا اللقب بعضا من الأتراك الذين قدموا
من "تركيا" في عصر محمد علي باشا , ولكنهم قلة بالنسبة إلي الأتراك
المماليك.
9- المماليك : وهم العبيد الذين تقلدوا حكم مصر بعد عصر الدولة الأيوبية
, وهم جنسين , مماليك بيض ومماليك سود , فالمماليك البيض يطلق على أغلبهم
الأتراك , والمماليك السود وهم الذين يرجع أصلهم الي بلاد الحبشة والسودان
والزنج , وبقاياهم أغلبها –أعني المماليك سود البشرة - حسب ضمن طائفة
"العبيد" , ولا اعلم أن هناك منهم من يحتفظ بلقب المملوكي .
10- العبيد : وهم الرقيق , وتوجد أسر وعائلات كثيرة بالصعيد مازالت
تلقب بهذا اللقب , وهم نوعين , منهم عبيد تم عتقهم في مراحل متفرقة , ومنهم
عبيد المماليك , وهم إن صح التعبير "عبيد العبيد" , حيث أن المماليك –
العبيد الأصل – كان لهم عبيد وموالي يقومون بخدمتهم وبجباية الضرائب , وقد
كان عددهم كثير جدا في العصر المملوكي , وما زالت لهم بقية في الصعيد ,
وأغلبهم يحتفظ بالبشرة السوداء , وكثير منهم يدعي أنه من نسل "المماليك
الذين حكموا مصر" وهذا لا أصل له , ولكن هم عبيد المماليك "عبيد العبيد".
11- النوبة : وهم شعب عظيم له تاريخ قديم منذ عصور الفراعنة , وله لغة
خاصة وديار كبيرة , وكانت لهم شوكة وقوة , فلم يستطع العرب فتح بلادهم الا
بعد قرون طويلة وعناء وبلاء شديد , واليوم أغلبهم يتواجدون بجنوب مصر وشمال
السودان , وهم عدة فرق نذكر منهم : الفاجوك والماتوك والكنوز والعرب ,
والكنوز هم قبائل عربية من بني ربيعة خالطت النوبة فصاروا في عدادهم
واكتسبوا البشرة السوداء , أما العرب فهم قبائل عربية خالطت النوبة ولكنها
مازالت تحتفظ ببشرتها البيضاء , والفاجوك والماتوك فهم بقايا النوبيين
القدماء , وإن كانت هناك أقوال وتفاصيل اخرى حول الماتوك والفاجوك ولكن
يبقى أنهم صميم النوبة , وكان يطلق على النوبيين إلي عهد قريب لقب
"البرابرة" نظرا للكنتهم القريبة من لكنة ولهجة البربر الامازيج.
12- الجراكسة : أو الشراكسة , وهم من شعوب بلاد القوقاز بين البحر
الأسود وبحيرة قزوين , وهم من الجنس التركي , وهم يمثلون طائفة كبيرة من
المماليك الذين حكموا مصر , واليوم هناك اسر كثيرة ما زالت تحتفظ بلقب
"الشركسي أو الجر كسي" , واغلبهم اليوم في الصعيد في عداد طائفة "الفلاحين"
, ومازال أكثر بقايا الجراكسة يحتفظون بالملامح التركية الواضحة المتصفة
بالجمال .
13- الغجر : وهم شعب كبير , أصله من الهند , ومنتشر في أكثر بقاع
العالم , يمتاز هذا الشعب بصفات مذمومة عند كثير من الشعوب , مثل السرقة
وعدم الغيرة والحمية وممارستهم للمهن الوضيعة , وهذا الشعب الغجري يضرب به
المثل في الرذالة ورداءة الخلق , فيقال لمن فعل أمرا مذموما "يا غجري" كسبة
له , والغجر نزلوا ببلاد الشام فأطلق عليهم أهل الشام لقب "النّور" ,
وسكنت طائفه كبيرة من الغجر هؤلاء بمدينة "حلب" بالشام , وقد هاجر الغجر
إلى مصر على مراحل , قيل طلبا للرزق , وقيل بسبب مجاعات زمن الحروب
الصليبية على بلاد الشام , والغجر يشبهون في مسماهم وصفاتهم ما يعرف اليوم
بالصلب أو الصليب في الجزيرة العربية, والغجر هؤلاء لا يزوّجهم أكثر أهل
الصعيد وخاصة العربان .
14- الحلب : وهم من طوائف الشعب الغجري , قدموا من مدينة حلب الشامية
وسكنوا صعيد مصر , فأطلق عليهم أهل مصر لقب الحلب نسبة إلي البلدة التي
قدموا منها , وهم يمتهنون مهن يعتبرها كثير من أهل الصعيد مهن وضيعة للغاية
, والحلب كنظام شبيه بالقبيلة , حيث للحلب عمدة وهو بمثابة شيخ قبيلة ,
والحلب ينقسموا إلي فئات وطبقات نذكر منها "المساليب" وهم يعدوا من أدنى
طبقات الحلب في الصعيد , فبعض الحلب الذين لا ينتموا إلي المساليب إن أخطات
وناديته "يا مسلوب" يغضب ويقول بفخر "أنا حلبي ولست مسلوبا" , ولكل حق في
الإفتخار بأصله ونسبه .
15- النّور : وهم من الشعب الغجري , الذي قدم من الشام إلى مصر ,
فاحتفظ بلقبه "النّور" وهو اللقب الذين كانوا يلقبون به في بلاد الشام ,
واغلب النّور هؤلاء في شمال مصر وليس منهم بالصعيد عدد كبير , وهم يمتهون
مثل إخوانهم "الحلب" المهن الوضيعة وخاصة "السرقة" وما شابهها .
16- المساليب : وهم من طوائف الحلب الذين هم من الشعب الغجري , وأكثر
المساليب بالصعيد , وهم مثل سابقيهم , يمتهون مهنهم , وإشتهر بين كثير منهم
مهنة "الشحاذة" و امتهنوا مهن زراعية مذمومة مثل مهنة "المقرقر" و أيضا
منهم طوائف كثيرة إشتغلت بمهنة "المزمار الشعبي" .
وهناك معلومة هامة أخرى , فهناك مساليب نسبة إلي أنهم "مسلوبي الحقوق"
وليسوا من المساليب الحلب الغجر , حيث أن الحكومة في العصور السابقة كانت
تحكم على بعض الناس بسلب أملاكهم وأموالهم , فيقال " فلان بن فلان المسلوب"
, وهو مسلوب مما يملك وليس مسلوبا من طوائف الحلب الغجريين , ولكن هؤلاء
قلة قليلة , وأكثرية المساليب هم من الحلب أصلا .
17- الغوازي : وهي على قولين , الأول أنها نسبة إلى قبائل "الغز
التركمان" الذين كانت لهم حروب شهيرة في الصعيد , والآخر نسبة إلي مهنة
الرقص حيث تسمى الراقصة بـ "الغَزيّة" , ولكن الأرجح هي النسبة الأولى ,
وهم قبائل الغز التركمان , وهم من صنوف المماليك .. والله أعلم.
18- الجمسة : وهؤلاء اشتهر عنهم أنهم قبائل عربية , جاءت متأخرة عن
القبائل الأخرى التي حشدت للحرب , فجاءت وقت المساء , وعند صباح اليوم
التالي رأتهم القبائل الأخرى فسألوا عنهم , فقيل لهم "هؤلاء إخوانكم الذين
جاءوا مساء " فأطلق عليهم "الجمسة" المشتقة من "جاءوا مساء" , وهذا القول
أراه قريبا من الصحة , وهؤلاء الجمسة امتهنوا مهنا وضيعة يترفع العرب عنها ,
وأهمها مهنة "السقاية" , فصاروا سبة للكثير من أهل الصعيد , وفي نسبهم
أقوال لا داعي لسردها فليس هنا مجالها .
19- السقاقوة : وهي مهنة وليست نسبا , وهي من المهن المبغوضة من جانب
العرب , وكانت قبائل كثيرة من بني هلال بالصعيد بعد أن أدال عليهم الزمان
وبعد هجرتهم من المغرب العربي , قاموا بالاشتغال بهذه المهنة الوضيعة في
نظر الكثيرين , بينما بني هلال هم من العرب الصرحاء النسب , ولكن لأسباب ما
امتهنوا هذه المهنة , وقلما نجد قرية أو نجع في الصعيد لا توجد فيه أسرة
من نسل هؤلاء السقاقوة , وهذه المهنة انقرضت منذ فترة قريبة العهد , وأيضا
هذه المهنة أكثر من امتهنها هم "الجمسة" وطوائف الغجر بأنواعها "حلب ونور
ومساليب" وبعض بني هلال وغيرهم .
20- البجاة : هم شعب قديم يسكن الصحراء الشرقية بشكل أساس , وهو أحد
مكونات سكان الصحراء الشرقية مثل الحداربة والكواهلة و البشارية والعبابدة
والهدندوة وغيرها, وهم فصيل مستقل مثله مثل النوبة وله لهجته الخاصة
ودياره الخاصة .
وإلى هنا .. ينتهي الحديث .. وندعوا الله التوفيق والسداد .. والحمد لله رب العالمين .
كتبها .. أحمد عبد النبي فرغل .. الدعباسي .
أحسنت النشر يا استاذ احمد
ردحذفربنا يشفيك
حذفمن نسى قديمه تاااااااه