(أهل الحل والعقد) .. دوماً أتذكرهم في كل مناسبة استفتاء او انتخابات في مصر !
إني لأرى أن "الديموقراطية" في التصويت والإنتخاب شيئ غير مقبول بالمرة.. بالنسبة لي طبعاً ،
وإن كان رأيي هذا لن يغير في الواقع شيئاً.
دوماً أقول أن ما يُعرف بالنظام الديموقراطي قد جعل
للجميع حق التصويت , أي يكون لكل صوت أهمية في اختيار وتعيين حاكم ودستور ونوّاب
الشعب، وهذا أمر جد خطير ! . فالناس - يا سادة - ليسوا كلهم بنفس العقل والفكر والتعليم فالأمور متفاوتة ,
وهناك من البشر - كما أخبرنا ربنا عز وجل - من يكادوا ألّا يفقهون
قولا ! , بل هناك من البشر من هم كالأنعام .. أو أضل سبيلاً.
وإن من اخواننا
وأهالينا وأحبابنا من نعرف كيفية تفكيرهم ومنتهى أحلامهم (عقولهم) , وفي
(الديموقراطية) سيكون - حتماً - لصوتهم أهمية شديدة ، فالصوت الواحد قد يرجح كفة على كفة .
في الإسلام كان مبدأ الشورى , الذي أقره الشرع الحنيف وطبّقه الصحابة الكرام ، ورغم ذلك فلم يكن لجميع الناس الحق في المشاركة في "مجلس
الشورى" هذا , وإنما هو كان مجلس للصفوة .. صفوة الناس ، من أولي السن والعلم
والخبرة والحنكة ، وهم الذين أسمَاهم الشرع بـ ( أهل الحل والعقد ) , وكان يقع
على عاتقهم الإختيار للحاكم , وكان الحاكم بدوره يختار الولاة بناء على استشارة
بعض أهل الحل والعقد هؤلاء .. فكنا كما علمنا .. أما اليوم؟!
اليوم .. نرى أن كل من أكمل السن القانوني للإنتخاب يذهب للتصويت ، ونرى جداتنا في
الريف والصعيد وأكثرهن لا تعرفن أبعد من حدود قريتها مكاناً ، ناهيك عن إجادتهن لـكيفية "فك الخط" !, وهن كما نَصِف:
على الفطرة ، ولا يدرين عن دهاليز الساسة وأمور السياسة شيئاً ؟ فجاءت تلك المسماة بالديموقراطية
وجعلت صوتهن - جداتنا - في الإنتخابات مؤثر!
تُرى ماذا لو تعقّلنا وأوسدنا الأمر إلى أهله .. وجعلنا مسؤولية الإنتخاب لأهلها "أهل
الحل والعقد" .. والله حينها سنستريح ، فلابد أن يكون للسفينة ربان واحد
وإلا هلكت ؟ أما في الديموقراطية فما أكثر الربابنة الذين لا يُجيدون حتى
السباحة ! , الديموقراطية التي جعلت القول الفصل لأكثر الناس وليس لأعقل
الناس ، وفي القرآن نجد أن أكثر الناس دوماً "لا يعقلون" و"لا يفقهون" و"لا
يعلمون" إلى آخر الآيات الكريمات , وإن الأكثرية - من عامة الناس - غالباً
يكونون من
الدهماء والغوغاء والأوباش , وكذلك فإن أهل الحِلم والعِلم والدين دوماً (
قليل )
.. فانظر وتأمّل.
عاب العرب في جاهليتهم الجهلاء على القوم المتساوون , أي من كانوا كلهم
سواسية فليس فيهم شريف ووضيع , وشبهوهم بأسنان الحمار .. لأنها سواء , ونحن
صار حالنا كحالهم , كل الشعب صار رأيه متساوي في القبول والتاثير ، فسبحان
الله الذي خلق وسوّى واصطفى ومايز بين الخلائق وجعلهم طبقات فوق بعض .
حتى إن الشرع لا يساوي بين شهادة الرجل والمرآة عند القضاء ، فما بالنا بالديموقراطية التي تُساوي
بين رأي سيد القوم وأعلمهم وأحلمهم وبين رأي الصبي النشء والعجوز التي على
الفطرة ؟ , بل الأدهى أن يجعل رأي النصراني وربما اليهودي - بل وربما الملاحدة - كرأي المسلم ,
ومعلوم أن رأيهم لن يكون موافقاً لمصلحة المسلمين إلا إن وافقت مصالحهم هم بمحض الصدفة !
قد
اتبعنا سنن من كان قبلنا ، ودخلنا خلفهم "جُحر الضب" ، واتبعناهم حذو النعل
بالنعل كما أخبرنا رسولنا الكريم . ديننا لم ياخذ إلا برأي أهل الذكر وهم
أهل الحل والعقد في كل محلة من بلاد المسلمين ، ولكن نحن أخذنا بمذهب الغرب
"الديموقراطية" ، التي تساوى فيها رأي المسلم وغير المسلم ، والرجل والمرآة
، والشيخ العالم والصبي الغبي البليد ! ... رحم الله أمتنا وسقت قبورها
السحاب !
أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي البكري الصديقي - صعيد مصر