هل لنسب الفقيه أثر على حكمه الفقهي ؟!
هو موضوع شائك ...
تابعتُ أقوال الأئمة الأربعة - رحمهم الله - في مسألة شرح "الكفاءة في
النسب" كشرط لصحة عقد النكاح، فوجدت أن هناك ثمة علاقة بين أنسابهم - أنساب
الفقهاء الأربعة - وبين آرائهم في تلك المسألة !
بداية لنتعرف على أنساب الفقهاء الأربعة:
1- الإمام أبو حنفية النعمان - من الكوفة ، وهو أعجمي، كان جده الأعلى من الموالي "العبيد" فأسلم.
2- الإمام مالك بن أنس - من المدينة المنورة ، وهو عربي يمني ، أصله من قبيلة ذي أصبح، وهو حليف لبني تيم بن مرة من قريش.
3- الإمام الشافعي - من مكة المكرمة ، وهو عربي قرشي ، من بني المطلب "أخو هاشم" بن عبد مناف القرشي .
4- الإمام أحمد ابن حنبل - من بغداد ، وهو عربي ذهلي ، من بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة من بكر بن وائل الربعية العدنانية .
نجد أن آراء الفقهاء الأئمة الأربعة في مسألة الكفاءة في النسب كانت كالتالي:
1- الإمام الشافعي: قال أن الهاشمية والمطلبية لا يكافئها في النسب إلا
الهاشمي أو المطلبي، والقرشية لا يكافؤها إلا القرشي، والعربية لا يكافؤها
إلا العربي، والعجم ليسوا بأكفاء للعرب ... والشافعي من بني المطلب بن عبد
مناف من قريش !.
2- الإمام أحمد بن حنبل: قال أن جميع العرب أكفاء
لبعضهم البعض، وأن العجم ليسوا بأكفاء للعرب ... وابن حنبل ذهلي بكري وائلي
النسب ، وليس من قريش ! .
3- الإمام مالك: قال أن العجم أكفاء للعرب ، وكل مسلم كفء لأي مسلمة .. والإمام مالك عربي حميري يماني النسب ! .
4- الإمام أبو حنيفة: قال أن العجم ليسوا بأكفاء للعرب ، وأن القرشية لا
يكافؤها غير القرشي، والهاشمية لا يكافؤها غير الهاشمي ... والإمام أبو
حنيفة أعجمي فارسي النسب !
فهنا نسأل: هل كان رأي كلاً من الشافعي وابن حنبل
ناجم عن نسبهم ؟! ، فهل اشترط الشافعي على عدم تزوج "الهاشمية والمطلبية"
من غيرهم حتى من قريش ، بسبب كون نسبه يعود إلى بني المطلب بن عبد مناف ؟! ...
وهل اشترط ابن
حنبل أن كل العرب أكفاء لجميع العرب "بما فيهم قريش وبنو هاشم" لكونه ليس
من بني هاشم وليس من قريش بل ليس من مُضرٍ كلها وإنما من بني بكر بن وائل من ربيعة ؟!
وعلى النقيض نجد موقف الإمام مالك ، وهو
العربي الحميري، نجده يقول أن العجم أكفاء للعرب "جميع العرب".
وكذلك نجد
الإمام أبو حنيفة وهو الأعجمي الفارسي يقول أن العجم ليسوا لأكفاء للعرب،
وأن القرشية والهاشمية لا تتزوج إلا من قرشي وهاشمي ؟!
إنه سؤال
حائر ، وإني نظرت إلى واقع أقوال الأئمة والفقهاء ، بل وتصرف بعض الصحابة
الأجلاء ناجم عن خلفية أنسابهم ، فإن للنسب تأثير على قول وفعل الناس ،
فكان له تأثيره الحسن على الصالحين، وتأثير سيئ على الفسدة
والظالمين .
وإن الشرع قد يتيح في المسألة الواحدة أكثر من فِعل صحيح، فيختار الفقيه من تلك الآراء الصحيحة ما يناسب زمانه ومكانه ، وكذلك لعله يختار منه ما يناسب نسبه (وكله في إطار شرعي صحيح) ... والله أعلم .
أحمد فرغل الدعباسي البكري