بما إني رجل من أهل مصر فسأتحدث من هذا المنطلق ومن تلك الزاوية الجغرافية
خاصة: إن الحدود الجغرافية أربعة كما هو معروف لكل أهل الأرض، وهم: شمال
وجنوب وشرق وغرب. الشرق هو ما أشرقت من جهته الشمس، والغرب هو من غربت من
جهته الشمس. الشمال هو ما كان جهة القطب الشمالي للكرة الأرضية، والجنوب ما
كان جهة القطب الجنوبي للكرة الأرضية . كل هذا معلوم ! .
في مصر نقول على الشمال (بحري) وبلهجة الصعايدة (امبحِّر) بلهجة طمطمانية قبيلة حمير. ونقول على الجنوب (قبلي) وبلهجة الصعايدة (امقبِّل) بلهجة قبيلة حمير أيضاً . فمن أين جائت تلك المسميات ؟
أجد في التاريخ جماعة شهيرةة حكمت مصر، وهم (الممالك البحرية) أو
(المماليك البرجية)، وقيل إنما سميت بالبحرية والبرجية لأنهم كانوا يسكنون
في برج مبني على ضفة النيل، وأهل مصر دوناً عن كل شعوب الأرض يطلقون على
نهرهم (النيل) إسم (البحر) لكونه خير وأطول أنهار العالم، فقيل أنهم
(بحرية) نسبة إلى (البحر=نهر النيل) .. وقيل الجهة الشمالية تسمى بالبحرية
لكون (البحر الأبيض المتوسط) يقع في شمال مصر، فأصبح لقب (البحري) مرادفاً
لكلمة (الشمالي) .. هذا أولاً !
ثانياً: نجد قرى بالصعيد تسمى أحدهم
بالبحرية والأخرى بالقبلية، قد تكون البحرية في الشمال، والقبلية في
الجنوب منها وهذا نراه يتوافق مع ترادف (الشمال/بحري) و (الجنوب/قبلي) ..
ولكن العجيب أننا نرى قريتين تقعا على خط عرض واحد "متجاورتين" أحدهما شرق
الأخرى (وهما بالضفة الشرقية لنهر النيل)، فنجد أحدهما تسمى البحرية والآخرى القبلية، وليس هذا لشئ سوى لأن
البحرية تقع على ساحل البحر (النيل) وان كانت جغرافياً تعتبر (غربية) وليست
(بحرية=شمالية) ! .
دعونا نتجه (امقبِّل) جهة الجنوب، فنجد أن قبلة
الإسلام (الكعبة المشرفة) بمكة في أرض الحجاز تقع جنوب شرق مصر، وتميل
كثيراً لجهة الجنوب، ولهذا يُحتمل أن يكون مصطلح (القبلي) صار مرادفاً لجهة
(الجنوب) لان القبلة تقع في الجنوب ! .. ولكن أيضاً نجد أن القرية التي
ذكرناها في مثالنا السابق نعتت بالبحرية لكونها على البحر/النيل فيا تُرى
لما سميت القرية المجاورة لها بالقبلية ؟ وهي تقع إلى الشرق منها وليس إلى
الجنوب ؟ .. أرى أن السبب هنا أنها تكون قرية (مقابلة/مخالفة) للقرية
الأخرى "جغرافياً" .. فالقرية الشرقية تلك (تقابل) القرية الشمالية المسماة
بالـ (بحرية) لكونها تطل على بحر مصر "النيل". والله أعلم بالصواب ، فإنما هذا إجتهاد مني.
أحمد فرغل الدعباسي البكري