إطلالة على قرية (دمامين) أو (المفرّجية) !
ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان فقال: (دَمامِين: بفتح أوله، وبعد
الألف ميم أخرى مكسورة، وياء تحتها نقطتان، ونون: قرية كبيرة بالصعيد شرقي
النيل على شاطئه فوق قوص، وعليها بساتين ونخل كثير) اهـ.
وذكرها صفي
الدين الحنبلي في "مراصد الإطلاع" بنفس الصفة، وكذا ذكرها أبو عبد الله
الحميري في "الروض المعطار بخبر الأقطار" بشئ من التفصيل، حيث قال:
(دماميل: مدينة بينها وبين قوص من أرض مصر
سبعة أميال، وهي محدثة حسنة البناء طيبة الهواء كثيرة الزراعات ممكنة
الحنطة وسائر الحبوب، وأهلها أخلاط والغالب عليهم أهل المغرب والغريب عندهم
مكرم محفوظ مرعي الجانب، وفي أهلها مواساة بالجملة) اهـ.
وقد جاء في
"تاريخ ابن الوردي" أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أعطى ثلثي قرية
دمامين للشريف عطيفة بن أبي نمى الحسني أمير مكة المكرمة تعويضاً له، بعد
أن أبطل مكس المأكول بمكة، وذلك سنة 722 هـ. وقد أشار ابن كثير في البداية
والنهاية لذلك الأمر، دون أن يذكر اسم القرية، ولكنه قال: (وعوض صاحبها عن
ذلك بإقطاع في بلد الصعيد) اهـ. وذكر ذلك أيضا تقي الدين الفاسي في "شفاء
الغرام بأخبار البلد الحرام"، وجلال السيوطي في "حسن المحاضرة"، وابن
العماد في "شذرات الذهب"، والمقريزي في "السلوك لمعرفة دول الملوك".
وذكر العسقلاني في "الدرر الكامنة" أن إبراهيم بن بن علي بن عمر القوصي
الشافعي المعروف بابن الفهاد قد اشتغل بقوص ومهر في التفسير والفقه والأصول
والحديث ولي قضاء دمامين وكان مرضي السيرة متقللا من الدنيا جدا منجعا عن
الناس مات بقوص في شوال سنة 715 هـ. وجاء مثله في "طبقات المفسرين"
للداوودي.
وترجم الذهبي في "تاريخ الإسلام" لأحد علمائها، فقال:
إبراهيم بن مكي بن عمر بن نوح. الرئيس الصدر، ضياء الدين، أبو إسحاق
المخزومي، الدماميني، الكاتب. تقلب في الخدم الديوانية. وحدث عن: أبي الحسن
علي بن البناء. ولد بدمامين من الصعيد سنة أربع وثمانين. ومات ببلبيس.
ومن علمائهم الأعلام، عالم قرشي النسب، مات قتيلاً ببلاد الهند، جاء ذكره
في "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" فقيل: بدر الدين محمَّد بن أبي
بكر الدماميني القرشي الإسكندري: العمدة المتفنن في العلوم والمعارف
الفهامة الأديب النحوي اللغوي الإِمام المفضال العارف بالشروط الرحال أخذ
عن أعلام منهم ابن خلدون وابن عرفة والناصر التنسي والجلال البلقيني وعنه
جماعة منهم الزين عبادة ورافقه إلى اليمن وعبد القادر المكي وغيرهما له
حاشية على مغني اللبيب سماها تحفة الغريب ولما دخل الهند رجع عنها وألّف
هناك التحفة البدرية والمزج على المغني لم يكمل وشرح التسهيل وشرح البخاري
والخزرجية ومجلد في الإعراب وعين الحياة مختصر حياة الحيوان وجواهر البحور
في العروض ومن نظمه الفواكه البدرية، مولده سنة 763 هـ ومات قتيلاً بالهند
سنة سبع أو ثمان وعشرين وثمانمائة.
ومما سبق نستنتج أنها قرية
بمركز قوص بمحافظة قنا بصعيد مصر الأعلى، تقع جنوب مدينة قوص بسبعة أميال،
وأصول أكثر أهلها من بلاد المغرب. وبها آخرين من قبائل آخرى، لا سيما قريش.
وقد ذكر السيد محمد رمزي في "القاموس الجغرافي للبلدان المصرية" أن تلك
القرية هي القرية المعروفة اليوم بإسم (المفرجية). وقال أنها كانت تسمى
"تمامين" و"دمامين" و"دماميل"، ولإستهجان أهلها تلك التسمية طلبوا تغييره
إلى "المفرجية"، نِسبة إلى الشيخ مفرّج صاحب المقام الكائن بها، وذلك سنة
1930 م. والشيخ مفرّج هو أبو الغيث مفرّج بن الموفق بن عبد الله الدماميني،
صاحب المكاشفات المعروفة، وكان من مشاهير الصالحين، توفي في جمادى الأولى
سنة 648 هـ كما ذكر السيوطي في "حسن المحاضرة".
ويطول الحديث عن تاريخ
وعلماء دمامين، تلك القرية الصعيدية القناوية القوصية. المسماة اليوم
بالمفرجية. وإنما أردنا إلقاء نظرة وإطلالة عن تاريخها وعلمائها.
أحمد فرغل الدعباسي البكري
دماميل هي قريه المفرجيه والعيايشه
ردحذف