حصرياً كيف تستخرج تعداد النفوس لأجدادك من دار الوثائق المصرية

حصرياً: كيف تستخرج تعداد النفوس لأجدادك من دار الوثائق المصرية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، وبعد:

قامت الدولة المصرية في أواخر فترة حكم محمد علي باشا بتعداد للنفوس (حصر للسكان) بالقطر المصري، لأهداف إدارية وسياسية وعسكرية مختلفة، فقدّمت بذلك خدمة جليلة للأجيال اللاحقة، للتعرُّف على وصف لأحوال أهل تلك الأزمنة التي تباعدت عنّا أكثر من قرن ونصف من الزمان.

تقع بيانات تعداد النفوس في دفاتر؛ إذ أغلب ما فيها إحصاءات، كثير من تلك الدفاتر لا يزال كما هو بحالته، يُمكن مطالعته، وبعضه أصابه التلف، أو الضياع، أو غير ذلك، وأهم وأكبر وأشمل تعداد للنفوس كان سنة 1264 هـ الموافق سنة 1847 م، وقد شمل هذا التعداد أغلب نواحي القطر المصري، وإن كانت قد سبقته عدة تعدادات قليلة، أتيتُ على ذِكرها تفصيلاً بكتاب (كناشة الدعباسي صـ 195 – 197) فلتُنظَر.

وأما ما تلا تعداد سنة 1264 هـ فإنما هو عالة عليه، وإضافات إليه، وأغلبه اعتمد في الأعمار على ما تم وضعه في التعداد المذكور الأقدم والأكبر هذا.

توجد أصول دفاتر تعداد نفوس القطر المصري حالياً بمبنى دار الوثائق القومية المصرية برملة بولاق على كورنيش النيل بالقاهرة، وهي غير بعيدة من مبنى ماسبيرو، ومن أقرب محطات مترو الأنفاق إليها محطة الإسعاف (محطة جمال عبد الناصر) ثم محطة ميدان التحرير (محطة أنور السادات) أو محطة ميدان رمسيس (محطة الشهداء)، وهي تعمل بداية من يوم الأحد من كل أسبوع.

يتم تقديم طلب معرفة تعداد نفوس الأسرة إلى مكتب إدارة المستفيدين، بالطابق الأرضي من مبنى دار الوثائق، عن يمين الداخل للمبنى، ويتم تقديم ما يثبت صلة صاحب الطلب بالجد الأعلى الذي عاصر سنة التعداد وهي سنة 1264 هـ / 1847 م (وغالباً سيكون هذا الجد هو الاسم الرابع في بطاقة هوية المعاصرين)، مع بيانات تساعد على البحث، مثل اسم الجد المعاصر للتعداد، واسم قريته محل مولده وإقامته أو محل انتقاله وترحاله، مع دفع رسوم البحث وهي رسوم قليلة جداً، وغالباً يتم التوصل لبيانات الأسرة المطلوب البحث عنها خلال مدة تتراوح بين الأسبوع والشهر، والله أعلم.

نصائح عند البحث (مهم):

1.  ابحث عن اسم قريتك التي كانت تُعرف به في زمن الحصر وهو عام 1264 هـ الموافق لسنة 1847 م، وكذلك اسم المديرية (المحافظة) التي كانت تتبعها قريتك في تلك الفترة، فكثير من القرى تغيّر اسمها، وكثير من البلاد تغيّرت تابعيتها الإدارية. *مثال: قرية المفرّجية بمركز قوص بمحافظة قنا، كان اسمها القديم زمن التعداد (قرية دماميل). مركز نقادة بمحافظة قنا كان قديماً وحتى سنة 1976 م يتبع مركز قوص. قرية السباعية بمركز إدفو بمحافظة أسوان كانت قديماً تتبع مركز إسنا بمديرية قنا.

2.  بعض القرى كانت تُدرج ضمن قرى أكبر مجاورة لها في التعداد، فدَقْق.

3.  أعط بيانات جدك الذي عاصر الحصر بشكل جيد، فأعط اسمه الثلاثي أو الرباعي كما تحفظه أو كما هو مذكور في ما توافر من مستندات لديك (مثل عقود الأملاك والزواج)، وأعط اسم اخوته وأعمامه ما أمكن، فقد يكون المنزل تم تسجيله في الحصر باسم أحد غيره من إخوته أو أعمامه أو بني إخوته أو بني أعمامه.

4.  ليست كل دفاتر التعداد تسير على نهج واحد، فليست كلها تحوي أسماء النساء والزوجات، بل وبعضها قد يحوي أوصاف الأفراد الخَلقية، والملامح الشكلية، مثل: لون الجسم، وحجمه، ولون العيون، وحالة الأرجل إن كان هناك عجز أو عرج، وما أشبه ذلك.

5.  أثناء بحثي بدار الوثائق فوجئت بعدم وجود دفاتر تعداد النفوس لكامل محافظة أسوان، ما عدا شيء قليل لا يتجاوز أعداد أصابع اليد الواحدة، ولا أعلم السبب !.

6.  كثير من أسماء المهن والحرف والوظائف المذكورة بتعداد النفوس قد لا تتمكن من قراءتها، أو من معرفة معناها، فلا تبتئس، وابحث عن خبير بقراءة (خط القِرمة) الذي كُتِبَت به تلك الدفاتر.

7.  غالباً تُكتب التاء المفتوحة (ت) تاء مغلقة (ة)، مثل: نشأت (نشأة). ويُكتب اسم (حسن) و(حسين) بهيئة قريبة جداً من بعضهما بخط القِرمة في تعداد النفوس، وللتفريق بينهما تجد علامة زائدة قبل حرف النون عند (الحسين). وكذلك اسم (عبد الله) و(عبيد الله) لهما نفس الرسم، والفارق بينهما نقطتان توضعان أسفل اسم (عبيد الله)، مع ملاحظة أنه يكتب ككلمة واحدة (أشبه ما تكون بحرف الهاء) وليس كلمتان منفصلتان!، أما اسم (إبراهيم) فقد يتعذر حقاً معرفته لغير المدقق، والله المستعان.

8.  بعض القرى لم يتبق لها سوى دفتر تعداد أنفس وحيد، والبعض الآخر قد تجد له أكثر من نسخة لتعداد وحيد، وإن كانت كثير من القرى لها أكثر من تعداد للنفوس.

9.  بعض دفاتر التعداد أصابها التلف أو غير ذلك، فلم يتبق منها سوى وريقات.

10.                   قد تجد ضمن أفراد منزل أسرتك بالتعداد أشخاص ليسوا من أقاربكم، وفي هذه الحالة سيكونون إمّا: أبناء بنات الأسرة، أو ضيف (نزيل) دائم الإقامة بمنزل العائلة (وهم أحياناً يكونون من الدراويش المجاذيب).

11.                   العبيد والجواري يتم ذكرهم بعد أفراد الأسرة، ويوجد بينهما فاصل (خط بالعرض)، وكذلك يوجد ترقيم (تعداد) صغير منفصل وخاص بهم ليُميّزهم عن أفراد الأسرة، ومكتوب أمام كل منهم ما إذا كان: (عبد رقيق/عبد في الرِق) أو (معتوق).

12.                   يبدأ التعداد بكلمة (خاصة) وأمامها المهنة والسن، ومعناها: (خاصة المذكور)، أي البيانات الخاصة بالمذكور آنفاً (صاحب المنزل)، وتتلوها بيانات بقية أفراد أسرته.

13.                   نادر أن تجد في بيانات تعداد النفوس ما يفيد معرفة النسب، فليس هناك - غالباً – إلّا الاسم الثنائي لرب الأسرة أو الثلاثي أو الرباعي، ثم لقب العائلة.

14.                   معرفة اسم الشيخ (المشيخة) التابع له منزل الأسرة أمر مفيد، خاصة في القرى، فأحياناً تكون المشيخة الواحدة مقتصرة على عائلات بعينها؛ تربطهم صلات قرابة أو عصبية واحدة.

15.                   غالباً – وليس دائماً – تجد أن كل منزل مذكور في التعداد هو ملاصق للمنزل السابق له وللذي يليه أيضاً. فالحصر كان يأخذ البيوت تباعاً، من يمين القرية/الشارع/الحي إلى يساره حسبما أعتقد، والله أعلم.

16.                   أي تعداد لاحق على التعداد الكبير الشامل الذي هو عام 1264 هـ / 1847 م يجب أن تنتبه لأعمار الأفراد المذكورة فيه، إذ أنها هي نفس أعمارهم في التعداد القديم المذكور، فعليك أن تحسب الفارق الزمني بين التعدادين، ثم تضيفه إلى العُمر المذكور. مثال: في تعداد سنة 1274 هـ / 1857 م مذكور أن فلان عمره 20 عاماً، فهنا سيكون عمره الحقيقي سنة 1274 هـ هو: 30 عاماً وليس 20، فانتبه.

17.                   في أي تعداد لاحق على التعداد الكبير الشامل الذي هو عام 1264 هـ / 1847 م قد تجد خط أفقي أسفل بيانات أفراد المنزل، مكتوب به: مواليد جدد أو مستجد مواليد، هنا عليك التدقيق جيداً في الأعمار، فقد يكون الكثير منها مذكور بالشهور لا السنوات، وللتفريق بينهما ستجد حرف شين ممدودة – بغير نقاط - (ســ)، أعلى – أو أسفل - أعمار الشهور.

18.                   في حالة عدم الاستدلال على طلب البحث عن تعداد نفوس الأسرة، قد يكون مَرَد ذلك – غالباً – إلى عدم دقة بيانات طلبك: مثل خطأ في اسم الجد أو البلد، أو قد يكون لسوء خط دفتر التعداد، فكثير منها قد تستحيل قراءته بسبب ذلك أو بسبب التلف، فلا تحزن.

وفي الختام نسأل الله التوفيق والعون والسداد لكل باحث عن العلم النافع، ونسأل الله أن ينفع الناس بما نسطره، سبحانه العليّ، العليم، القادر، والحمد لله رب العالمين.

وكتبه/ أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي البكري، في صعيد مصر ليلة الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة 1440 هـ الموافق الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2019 م.