-->
مدونة أحمد فرغل الدعباسي البكري مدونة أحمد فرغل الدعباسي البكري
مدونة تُعنى بالتاريخ والتراث والأنساب، لصاحبها: أحمد بن عبد النبي آل فرغل الدعباسي البكري، من محافظة قنا - بصعيد مصر. رئيس لجنة تحقيق الأنساب بمشيخة السجادة البكرية الصديقية. له من المؤلفات: السلالة البكرية الصديقية (في جزأين) ط 2014، إقليم نقادة بصعيد مصر ط 2015، إزالة الالتباس عن نسب الشيخ عزاز ط 2016، كناشة الدعباسي ط 2017، التبيين فيمن وطئ أرض مصر من العمريين ط 2019
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

الإمامة وأهل الحل والعقد .. النظرية والواقع

((( الإمامة وأهل الحل والعقد .. النظرية والواقع )))
بقلم/ أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي


طالما جال في خاطري وفكري نظرية كنت أظنها من بنات أفكاري , فوجدتها قاعدة فقهية ونظرية فكرية ومنهجية سياسية , أعنى "أهل الحل والعقد" المخولون بإختيار ومبايعة الإمام , فكنت بنظرة بسيطة أقول بأنه من الأفضل منع كافة أطياف المجتمع من الإنتخاب والإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات الرئاسية ويجب حصر حق الإنتخاب في فئة معينة من الناس تتكون من علماء ومفكري وأدباء وكبار رجالات الأمة – المصرية – بالإضافة إلى أساتذة الجامعات وأعضاء هيئات التدريس في كافة أنظمة التدريس , وأخر هذه الفئة هم طلبة الجامعات .



فكنت أرى أن في عصور الإسلام الأولى , وخاصة في زمن الخلافة الراشدة كان من يختار ويبايع الخليفة هم "أهل الحل والعقد" وهم أهل المدينة المنورة دون باقي الأمصار الإسلامية , فكانت المدينة تحوي كبار رجال الإسلام السابقين والمجاهدين والأعلام , وكانوا هم أفقه وأعلم الناس وقتئذ , فكان الإنتخاب والإختيار والمبايعة محصورة فيهم , فلما خرج الأمر عن هذا المنحى ونحى ناحية أخرى , ذهبت الخلافة الراشدة وجاء الملك العاض وتلاه الملك الجبرى.



تتكون الأسرة في البيت الواحد من رب الأسرة وأم الأولاد والبنين والبنات , تتباين أعمارهم وثقافتهم وعلمهم , فلو إفترضنا أن رب الأسرة يريد أن يقوم بالمفاضلة بين أمرين وهم: شراء منزل جديد في حي جديد أم في نفس حيهم الذي يقطنون به ؟ , فماذا لو أخذ رأي كافة أعضاء أسرته الصغيرة , فسيكون لكل من أسرته رأي , منهم زوجته التي لا تملك كثيرا من الثقافة , وتنحصر ثقافتها وعلمها في "مطبخها الصغير" , ونافذتها التليفزيونية والمسلسلات الإجتماعية , وأولاده الكبار خريجوا الجامعة ستكون بالطبع لهم نظرة أفضل ممن سواهم من الأسرة نظرا لكم معرفهم الكبير مقارنة بباقي الأسرة , ثم الصبية وصغار السن من الأبناء الذين سيختاروا إختيار بناء على أهوائهم وبدون تفكير علمي سليم , وإن طبق مبدأ الديمقراطية في منزله فستكون الأغلبية للزوجة البسيطة والأبناء الصغار ذوي الكثرة العددية , وسيكون رأيه هو ومن وافقه من أبناءه الكبار "أقلية" .



فهكذا هو الحال في مجتمعنا , تتيح ما تسمى بالديمقراطية حرية التعبير عن الرأي لكل فئات الشعب , فهناك فئات مثقفة متعلمة غاية في العلم , وهناك فئات متوسطة وهناك فئات لا تعلم شيئا في أي شئ , والله إن هناك من شباب مصر من يقارب عمرهم العشرين عاما , لا يعرفون من هو على صواب ,أبشار الأسد أم الشعب السوري ؟ , والله كدت أجن عندما وجدت شابا يتهكم على إمام المسجد لأنه يدعوا بنصر شعب سوريا , والشاب لا يدري ولا يعلم من الظالم من المظلوم , ثم إن هذا الشاب قام بالإدلاء بصوته في الانتخابات , فترى شابا مثل هذا , الصوت الذي أدلى به ترى ماذا سيكون ؟!.



وهناك سيدات كبار في السن هن أمهاتنا وجداتنا, لا يعرفون كثيرا عن السياسة أو عن الساسة ,  ذهبوا في نزهة خارج المنزل قلما يتيسر لأمثالهن أن يحظوا بمثلها , وذهبوا إلى صندوق الإنتخابات , وهناك عندما أخذوا ورقة الترشيح والإختيار , لم يعرفوا ماذا يختاروا , فطلبوا من أحد أعضاء اللجنة الانتخابية أن يرشدوهم عمن يختاروه , فقالوا لها إختارى "هذا" , فإختارته , فترى هل صوتها هذا يعبر عن الديمقراطية  ورأي الشارع المصري ؟! .



هناك أناس إبتلاهم الله ببلاء في عقولهم ومرض نفسي وعقلي , فبعضهم سفهاء  وأخرين ممن يقال لهم "المتخلفين عقليا" , ولهم بطاقة إنتخابية , وذهبوا وأدلوا بأصواتهم , فما أبهاك يا ديمقراطية , تجعلي السفيه يختار إمام البلاد وحاكمها !!.



فهنا قمت بجولة في بعض كتب التراث , وبحثت عن "اهل الحل والعقد" وشروط الفئة التي تختار الحاكم , فوجدت الأتي :




-      الْإِمَامَة لَا تجوز إِلَّا بشروطها " النّسَب وَالْإِسْلَام والحماية وَالْبَيْت والمحتد وَحفظ الشَّرِيعَة وَعلم الْأَحْكَام وَصِحَّة التَّنْفِيذ وَالتَّقوى وإتيان الطَّاعَة وَضبط أَمْوَال الْمُسلمين " فَإِن شهد لَهُ بذلك أهل الْحل وَالْعقد من عُلَمَاء الْمُسلمين وثقاتهم أَو أَخذ هُوَ بذَلِك لنَفسِهِ ثمَّ رضيه الْمُسلمُونَ جَازَ لَهُ ذَلِك . ( هنا يشترط أهل الحل والعقد لاختيار الحاكم وليس عوام الناس ) .






-      فَإِن قَالُوا فَإِذا فسد النَّص على إِمَام بِعَيْنِه فَكيف طَرِيق إِثْبَات الْإِمَامَة وبماذا يصير الإِمَام إِمَامًا , قيل لَهُم إِنَّمَا يصير الإِمَام إِمَامًا بِعقد من يعْقد لَهُ الْإِمَامَة من أفاضل الْمُسلمين الَّذين هم من أهل الْحل وَالْعقد والمؤتمنين على هَذَا الشَّأْن لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا طَرِيق إِلَّا النَّص أَو الِاخْتِيَار وَفِي فَسَاد النَّص دَلِيل على ثُبُوت الِاخْتِيَار الَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ . ( هذه لا تحتاج لشرح ).





-  فَإِن قَالَ قَائِل فبكم يتم عقد الْإِمَامَة عنْدكُمْ قيل لَهُ تَنْعَقِد وتتم بِرَجُل وَاحِد من أهل الْحل وَالْعقد إِذا عقدهَا لرجل على صفة مَا يجب أَن يكون عَلَيْهِ الْأَئِمَّة , فَإِن قَالُوا وَمَا الدَّلِيل على ذَلِك قيل لَهُم الدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه إِذا صَحَّ أَن فضلاء الْأمة هم وُلَاة عقد الْإِمَامَة وَلم يقم دَلِيل على أَنه يجب أَن يعقدها سائرها وَلَا عدد مِنْهُم مَخْصُوص لَا تجوز الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ ثَبت بفقد الدَّلِيل على تعْيين الْعدَد وَالْعلم بِأَنَّهُ لَيْسَ بموجود فِي الشَّرِيعَة وَلَا فِي أَدِلَّة الْعُقُول أَنَّهَا تَنْعَقِد بِالْوَاحِدِ فَمَا فَوْقه فَإِن قيل أَلا جعلتم العقد إِلَى كل فضلاء الْأمة فِي كل عصر من أعصار الْمُسلمين قيل لَهُ أجمع أهل الِاخْتِيَار على بطلَان ذَلِك ولعلمنا بِأَن الله قد فرض علينا فعل العقد على الإِمَام وطاعته إِذا عقد لَهُ وَأَن اجْتِمَاع سَائِر أهل الْحل وَالْعقد فِي سَائِر أَمْصَار الْمُسلمين بصقع وَاحِد وإطباقهم على الْبيعَة لرجل وَاحِد مُتَعَذر مُمْتَنع وَأَن الله تَعَالَى لَا يُكَلف فعل الْمحَال الْمُمْتَنع الَّذِي لَا يَصح فعله وَلَا تَركه ولعلمنا بِأَن سلف الْأمة لم يراعوا فِي العقد لأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي حُضُور جَمِيع أهل الْحل وَالْعقد فِي أَمْصَار الْمُسلمين وَلَا فِي الْمَدِينَة أَيْضا وَأَن عمر رد الْأَمر إِلَى سِتَّة نفر فَقَط وَإِن كَانَ فِي غَيرهم من يصلح للْعقد فَوَجَبَ بِهَذِهِ الْجُمْلَة صِحَة مَا قُلْنَاهُ ويوضح ذَلِك أَيْضا أَن أَبَا بكر عقدهَا لعمر فتمت إِمَامَته وَسلم عَهده بعقده لَهُ .






-      وتنعقد الإمامة بعقد أهل الحل والعقد لمن وجدت فيه شروط الإمامة، واختلف في عدد العاقدين فمنهم من قال: أقلهم ثلاثة، لأن ذلك أقل الجمع، وقال اكثر أهل العلم: تنعقد بواحد لأنه إذا ثبت أن فضلاء الأمة هو ولاة عقد الإمامة، وثبت أنه لا يجب اعتبار حضور جميع أهل الحل والعقد وجميع الأمصار، لأن الصحابة لم يعتبروا ذلك فيمن عقدوا له الإمامة منهم لم يتعذروا تعدد انعقاد ذلك بواحد.





-      إن المراد بأولي الأمر جماعة أهل الحلّ والعقد من المسلمين وهم: الأمراء، والحكئم والعلماء ورؤساء الجند.. وسائر المصالح العامة، فهؤلاء إذا اتفقوا على أمر أو حكم واجب أن يطاعوا فيه بشرط أن يكونوا منَّا… ولا يخالفوا أمر الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم..وأن يكون ما يتفقون عليه من المصالح العامة وهو ما لولي الأمر سلطة فيه ووقوف عليه، وأما العبادات وما كان من قبيل الاعتقاد الديني فلا يتعلق به أمر أهل الحلّ والعقد .





- الخامس من معاني الجماعة: تطلق الجماعة على أهل الحل والعقد، وهذا كثير خاصة فيما يتعلق بالوُلاية أو الوَلاية، ويتعلق بالسلطان. فتطلق الجماعة على أهل الحل والعقد، وعلى رأسهم الولاة والعلماء، ثم من كان له أثر في الأمة بحكم مسئوليته وموقعه، فيدخل في ذلك أمراء وقواد الجيوش، ويدخل في ذلك الوزراء ورؤساء العشائر، والزعماء المطاعون في أقوامهم، ويدخل في ذلك أهل الرأي والمشورة الذين لرأيهم أثر في مصالح الأمة، وينتظم بهم معنى الجماعة عند الخطوب وإن لم يكونوا على الاستقامة.





-      بيعة أهل الحل والعقد ممن لهم شأن في الأمة من العلماء ورؤساء العشائر وأهل الرأي وذوي التأثير في الأمة، ولو كانوا قلة، فبايعوا سلطاناً لزمت بيعته على الجميع، وصار إماماً تجب له حقوق الإمامة بغير معصية الله.





-      وعليه فإن أهل الحل والعقد من المسلمين هم الذين يتولون اختيار إمام المسلمين وخليفتهم ولا عبرة بقول العوام في بيعة الانعقاد قال الرملي الشافعي: [أما بيعة غير أهل الحل والعقد من العوام فلا عبرة لها].





فماذا لو جعلنا لأهل الحل والعقد فقط حرية الإختيار لرئيس الدولة , فإنهم حتما سيختاروا لنا الأفضل , بدلا من أن يتحكم عوام الناس في مصير الشعوب , أما من هم أهل الحل والعقد , فهذا متروك لعلماء الأمة يجتهدون ويحددوا من ينطبق عليه أن يكون من جملة "أهل الحل والعقد" .



فليتها تكون .. فنستريح من هذه المهازل التي حدثت في وادي النيل.




---------

المصادر :
-      العقيدة رواية أبي بكر الخلال - أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) .
-      تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل - محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ) .
-      الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار -  أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (المتوفى: 558هـ).
-      منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة - تامر محمد محمود متولي .
-      التعليق على شرح السنة للبربهاري - ناصر بن عبد الكريم العلي العقل .
-      مجمل أصول أهل السنة - ناصر بن عبد الكريم العلي العقل .
-      فتاوى د حسام عفانة - حسام الدين بن موسى محمد بن عفانة .


........................
أحمد فرغل الدعباسي البكري 

عن الكاتب

أحمد فرغل الدعباسي البكري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

مدونة أحمد فرغل الدعباسي البكري

2016