الحمد لله
وصية سرية من [إمبراطور دولة المغول المسلمين في الهند] ظهير الدين محمد بابر باد شاه غازي إلى [نجله:] الأمير ناصر الدين محمد همايون، أطال الله بقاءه.
من أجل استقرار المملكة كتبتُ هذه الوصيّة:
أي بُني: إن دولة الهند مليئة بالعقائد المتباينة، والحمد لله الحق العلي المجيد أن وهبك ملكها، وإنه لمن الصواب أن تقدم بقلب خال من كل تعصب ديني على نشر العدل تبعاً لعقائد كل جماعة من الناس، وبوجه خاص أن تمتنع عن ذبح البقر، فإن هذا هو السبيل لامتلاك قلوب الشعب في هندستان، ورعايا مملكتك سيخلصون لك الإخلاص كله إذا أحسّوا منك حدباً وعطفاً.
والهياكل وأماكن العبادة التابعة لكل فرقة دينية تحت حكمك يجب أن لا تخربها، وانشر العدل بين الناس حتى يعيش الحاكم سعيداً مع رعاياه، وحتى يعيش الرعايا سعداء مع حاكمهم.وإن انتشار الإسلام ليتحقق بسلاح العطف والمحبة خيراً مما يتحقق بسلاح الضغط والاضطهاد.
تجاهل النزاع والتخاصم بين الشيعة والسنة، ففي هذا منبت الضعف في الإسلام، وضم الرعايا من مختلف العقائد حول الأسس الأربعة بحيث يصبح كيان الدولة محصناً ضد عوامل الضعف المختلفة.
وتذكر أعمال حظرة تيمور صاحب قراني (صاحب سياسة الوفاق) حتى تبلغ الرشد في أمور الحكم، وليس علينا إلا النصح.
غرة جمادى الأولى سنة 935 هـ / يناير سنة 1529 م.
(نقلاً عن كتاب: تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلامية في الهند صـ 33-34)
* يُذكر أن دولة المغول الإسلامية في الهند سُميّت بذلك بشكل غير دقيق، حيث تعود أصول مؤسسها ظهير الدين بابر إلى تيمورلنك وهو من الأوزبك الأتراك وليس المغول، بيد أن لظهير الدين بابر نسباً للمغول عن طريق الأمهات يعود لجنكيز خان. فدولة سلاطين المغول هي في الأصل دولة أوزبكية تركمانية وليست مغولية.
#الدعباسي