أذكُر ذات مرة كنت وجمع من السادة النسابين والباحثين نتباحث في علوم الأنساب، ويومها تحدثنا عن "الحِلف عند العرب"، ولازلت إلى يوم أتذكر شئ كثير مما قيل.
من عادات العرب عند عقد الحِلف أن يغمسوا أيديهم في إناء به دماء، أو ما أشبهه، كما فعل "لعقة الدم القرشيون" إذ غمسوا أيديهم في طست مليء بالدماء، وكما فعل "المطيبون القرشيون" إذ غمسوا أيديهم في إناء به طِيب.
والحِلف أنواع، منه حلف يُعقد عند الضرورة، وهو الحلف المؤقت، وأشهره تحالفات الحروب والمعارك.
ومنه الحلف الدائم، وهو كذلك أنواع، منه أن يَدخل الحليف "الأقل عدداً وقوة" تحت لواء حليفه "الأكثر عدداً وقوة"، أو يرأس أشرف الحليفين نسباً - كان الأشراف والقرشيون عادة ما يتولون رئاسة القبائل - لكامل القبيلة الجديدة، التي غالباً ما يستجد لها لقب واسم جديد، يكون عادة بسبب مناسبة زمانية - مثل خزاعة والقارة ، أو مكانية - مثل غسان وتنوخ ، أو على اسم أحد الأشخاص - مثل مزينة وخِندف .
ومن عادات الحِلف: الإختلاط والإمتزاج أنكاحاً وإنكاح، وهو أن يتزوج الحليفان من بعضهما البعض.
وهناك حلف "الندهة أو الندة" وهو الصرخة، حيث يصرخ الحليف على حليفه طلباً للنجدة والغوث. وهناك حلف "الهدم" فيقولون (الدم الدم .. الهدم الهدم) وهي كناية عن شدة الحِلف ومدى الحرص عليه .
ولكن لست أدري ما رأي الشرع في الأحلاف القديمة، وهل يجوز العمل بها مثلما أجاز رسول الله العمل بحلف جده "عبد المطلب بن هاشم" مع بني كعب الخزاعيين، وكان هذا الأمر سبباً مباشراً في فتح مكة المكرمة ؟
أحمد فرغل الدعباسي البكري