يُطلِق أهل مصر على أبناء الأسر صاحبة الجاه والنفوذ والثراء لقب "أولاد الناس" . ومن سواهم هم عامة الشعب وفقراءهم !.
حَكَم مصر لقرون عديدة طائفة "المماليك" التي تعود أصول أكثرهم إلى شعوب القوقاز والشركس والغز التركمان، وكان الأيوبيون - من قبلهم - قد استكثروا من جلب المماليك هؤلاء وشرائهم ليقوى جانبهم بهم، حتى تمكنوا - أي المماليك - أخيراً من تولي زمام حكم مصر وما يتبعها من النواح والولايات. وبسبب توليهم سدة الحكم تمكن سلاطينهم وكبار أمراءهم من أن يتزوجوا بنساء مصريات رغم أنهم كانوا مماليك عبيد قد مسّهم الرّق، فنشأت من تلك الزيجات طائفة جديدة من السكان في مصر - بسبب كثرة عدد أمراء وسلاطين المماليك - وسُمّيت هذه الطائفة بــ (أولاد الناس) وكأننا نفهم من ذلك المصطلح المتعجرف أن من سوى هؤلاء ليسوا من الناس ! .. وانما هو أوباش ورعاع، وهذا من ظُلم المماليك البيّن، حيث جعلوا أنفسهم هم الناس، وأولادهم هم "أولاد الناس" !.
كانت طبقة أولاد الناس تأتي في المرتبة الثانية العليا بعد طبقة - أباءهم - سلاطين وأمراء المماليك، وخرج من تلك الطبقة جمع من الأمراء والعلماء، وكان من مشاهير طائفة أولاد الناس العلامة الشهير والمؤرخ الكبير "إبن إياس الحنفي" صاحب (بدائع الزهور في وقائع الدهور).
وبعد تتابع الأجيال ذابت طبقة "أولاد الناس" داخل المجتمع المصري، ولكن لم يزل إلى اليوم شئ من أثرهم باقياً .. وهو اسمهم ! ، فمجتمعنا المعاصر حذى حذو المماليك وصنّف المجتمع لطبقات، فجعل الأثرياء وأصحاب السلطان هم الناس، وأولادهم هم أولاد الناس، ومن سواهم من عوام الشعب الكادح تم حرمانهم من أن يكونوا من "الناس" !!.
أدعوا الله ألّا يلقى مجتمع مصر نفس المصير الأسود المؤلم للمماليك ومجتمعهم، والذي سجل نهايته قلم "ابن زنبل الرمال" ذلك المؤرخ المملوكي في كتابه (آخرة المماليك) . فاللهم أحسن آخرتنا يا رب الناس .
أحمد فرغل الدعباسي البكري