يرحم الله الأيام والرجال...
في مثل هذا الوقت من كل يوم ولأعوام مضت ، وقت
الأصيل ، كنت أتوسد زراعه وأشاركه في سريره المصنوع من جريد النخيل ذو
الوسائد المحشوّة بليف النخيل أيضاً ، في فناء بيتنا الطيني قبل تجديده .
كان درسه اليومي وسؤاله المعتاد : اسمك إيه ؟ .. فأجيب: أحمد ، فيقول:
أحمد مين.. أكمل ؟ .. فأقول أحمد عبد النبي أحمد .. "وبضع أسماء أخرى
أحفظها"، فيقول أنت: أحمد... "ثم يعدد بقية اسمي حتى الجيل الثالث عشر" ،
ثم يُتابع ويقول : وأولاد عمنا هم : آل فلان ببلدة كذا ، وآل فلان ببلدة كذا ، وآل فلان ببلدة كذا .
وكان ذلك وسني لم تجاوز العاشرة بعد ، ولمّا أتممت حفظهم صار يكتفي بأن
يسمع مني ما لقّنه إياي ، وكانت أسئلتي لا تنتهي ، وكذلك محبتي له ، كانت -
ولا زالت - لا تنتهي ، يرحمه الله رحمة واسعة وكل آبائي وأجدادي ، فقد كان
نِعم الجد ونِعم العون ونِعم المُعلّم والصاحب .
ولا يحضرني هنا غير
قول عمتنا أم المؤمنين عائشة ، لما مرّت على قبر أخيها "شقيقها" جدنا عبد
الرحمن بن أبي بكر الصديق ، فتمثلت قول متمم بن نويرة اليربوعي التميمي في
رثاء أخيه مالك :
وكنّا كندماني جذيمة حقبة = من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
ولمّا تفرقنا كأني ومالكاً = لطول اجتماع لم نبت ليلة معاً
أحمد عبد النبي أحمد محمد خليل علي فرغل الدعباسي البكري الصديقي