صوت الصعيد | بالصور.. عادل فهيم صانع الطائرات الصعيدي القنائي
قال الشاعر المصري مُخاطباً الشعب المصري (يا شعب نايم ع الرصيف .. وبالمقشّة بتتكنس ، فيك ناس بتعرق ع الرغيف .. وناس بتعرق م التِنس) ، هكذا هي الحياة “في مصر”، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 م، الثورة التي أتت على الأخضر واليابس، وحطمت أحلام من صنعوها !.
خلال الأيام الأولى من الثورة حدث بمصر كساد عظيم لم يحدث منذ سنين عديدة، جاءت على الأثرياء فأفقرتهم، وعلى الفقراء فأعدمتهم، وحينها لم يجد الشاب المصري الصعيدي “عادل فهيم محمود إمبابي” ابن محافظة قنا ، ذو الـ 36 عام، ما يسد رمقه ورمق أسرته، المكوّنة من زوجة وثلاث ذكور (محمد، وأحمد، ووحيد) وأنثى، وخاصة بعدما احترق منزله أثناء احدى طلعات “منطاده” الأول !.
سنعود لنتحدث عن “المنطاد” أو “البالون”، ولكن لنتحدث عمّا فعله صاحبنا “عادل”، لكي ينفق على أسرته إبان تلك الشهور العجاف التي جاءت بعد ثورة يناير.
يقول “صانع الطائرات” الذي يعود نسب عائلته “الجروفات” إلى أهل بيت النبوة، فهو من ذرية سيدنا الحسين رضي الله عنه: (عندما ضاقت بي الأحوال ولم أجد ما أسد به رمق أسرتي، خاصة لكوني عامل أجري، وأحيانا أعمل في جمع الخردة حتى أعول أسرتي، قمت بصنع طائرة صغيرة بمقعد واحد “للأطفال”، لتأجيرها لهم مقابل “اثنان من الجنيهات” لركوبها لمدة دقائق).
يقول “صانع الطائرات” الذي يعود نسب عائلته “الجروفات” إلى أهل بيت النبوة، فهو من ذرية سيدنا الحسين رضي الله عنه: (عندما ضاقت بي الأحوال ولم أجد ما أسد به رمق أسرتي، خاصة لكوني عامل أجري، وأحيانا أعمل في جمع الخردة حتى أعول أسرتي، قمت بصنع طائرة صغيرة بمقعد واحد “للأطفال”، لتأجيرها لهم مقابل “اثنان من الجنيهات” لركوبها لمدة دقائق).
كانت الطائرة مكونة من ترس كبير وآخر صغير، وماتور “كوبوتا” يدور يدوياً بـ “منافلّة” ويعمل بالبنزين، وذيل للطائرة مُركّب من مواسير مياه بلاستيكية قطرها نصف بوصة، وجناحان من البلاستيك المتين، وكابينة من البلاستيك، تسع لفرد واحد، تُقلع الطائرة عمودياً بارتفاع مترين إلى ثلاث أمتار، وبها زرّين للتحكم، أحدهما زر للإقلاع يعمل على دوران الماتور لليسار، وزر آخر للهبوط يعمل على دوران الماتور لليمين، ولم يضع بالطائرة ماتور للدفع، حتى لا تتحرك للأمام، لكونها مصممة للأطفال فقط، وكان طولها متر ونصف، وعرضها نصف متر.
ثم إن هذه الطائرة أغضبت جيرانه، وجعلتهم يبلغون عنه الشرطة، فغضب من ذلك وقام بتحطيم هذه الطائرة، وذلك بعد عشرة أيام من تشغيلها وتأجيرها للأطفال!.
ثم إنه تحدّث عن طائرته الأولى، التي صنعها في حدود عام 2008 م حسب ما تذكر “المبتكر”، وبالمناسبة فهو شاب أمّي لا يُجيد القراءة ولا الكتابة.
حلّقت طائرته الأولى فوق “جزيرة جبر” المجاورة لقريته “نجع القريّة” بناحية الأوسط قمولا بمركز نقادة – محافظة قنا، بارتفاع 15 متراً، وسارت به مسافة نصف كيلو، ثم اكتفى بهذه المسافة من الطيران وآثر الهبوط، خوفاً من حدوث أي خلل في الأجهزة الكهربائية بالطائرة. خاصة وأنه إن سقط فسيسقط في ماء نهر النيل، وكذلك كانت هذه الطائرة تسير بالكهرباء لا الوقود !، أما عند الهبوط فإنها اصطدمت بأحد أشجار النخيل فتحطمت تماماً، ولكن لم يصب صاحبنا بأذى كبير ولله الحمد.
تم صنع كامل هيكل هذه الطائرة من البلاستيك، والذيل أيضاً كان من مواسير المياه البلاستيكية، وبها بطاريتان من البطاريات المُستخدمة في الجرارات الزراعية، وعدد 2 ماتور كهربائي، وماكينة أخرى لتحويل التيار الثابت إلى تيار متردد “هكذا استنتجت من كلامه”، وجناحان – “رِيَشْ” حسب تعبيره – من البلاستيك المصبوب والمسبوك في الفرن لمدة 20 يوماً، والذي تم جمع خام البلاستيك لهما من “الخردة” التي يجمعها الشاب “عادل فهيم”. والطائرة كانت بمقعد واحد، ولها غطاء زجاجي من الأمام، وطولها قرابة 2 متر، وعرضها نصف متر.
أما عن آخر “طائراته” التي قام بصنعها، فهي طائرة بلاستيكية صغيرة بدون مقعد، يتم التحكم فيها عن طريق سلك كهربائي طويل، وهي تقلع عمودياً بارتفاع متر واحد، وليس بها ماتور دفع للأمام، لأنها مصنوعة لابن تاجر من مركز أرمنت – محافظة الأقصر، وتم الاتفاق على سعرها وهو “200 جنيه” فقط !. الطائرة تعمل بماتور غسّالة، موصّل ببطارية 12 فولت، ولها جناحان من البلاستيك وذيل من مواسير البلاستيك، وتطير عند توصيل التيار الكهربائي، وتهبط عند فصله.
ثم إن هذه الطائرة أغضبت جيرانه، وجعلتهم يبلغون عنه الشرطة، فغضب من ذلك وقام بتحطيم هذه الطائرة، وذلك بعد عشرة أيام من تشغيلها وتأجيرها للأطفال!.
ثم إنه تحدّث عن طائرته الأولى، التي صنعها في حدود عام 2008 م حسب ما تذكر “المبتكر”، وبالمناسبة فهو شاب أمّي لا يُجيد القراءة ولا الكتابة.
حلّقت طائرته الأولى فوق “جزيرة جبر” المجاورة لقريته “نجع القريّة” بناحية الأوسط قمولا بمركز نقادة – محافظة قنا، بارتفاع 15 متراً، وسارت به مسافة نصف كيلو، ثم اكتفى بهذه المسافة من الطيران وآثر الهبوط، خوفاً من حدوث أي خلل في الأجهزة الكهربائية بالطائرة. خاصة وأنه إن سقط فسيسقط في ماء نهر النيل، وكذلك كانت هذه الطائرة تسير بالكهرباء لا الوقود !، أما عند الهبوط فإنها اصطدمت بأحد أشجار النخيل فتحطمت تماماً، ولكن لم يصب صاحبنا بأذى كبير ولله الحمد.
تم صنع كامل هيكل هذه الطائرة من البلاستيك، والذيل أيضاً كان من مواسير المياه البلاستيكية، وبها بطاريتان من البطاريات المُستخدمة في الجرارات الزراعية، وعدد 2 ماتور كهربائي، وماكينة أخرى لتحويل التيار الثابت إلى تيار متردد “هكذا استنتجت من كلامه”، وجناحان – “رِيَشْ” حسب تعبيره – من البلاستيك المصبوب والمسبوك في الفرن لمدة 20 يوماً، والذي تم جمع خام البلاستيك لهما من “الخردة” التي يجمعها الشاب “عادل فهيم”. والطائرة كانت بمقعد واحد، ولها غطاء زجاجي من الأمام، وطولها قرابة 2 متر، وعرضها نصف متر.
أما عن آخر “طائراته” التي قام بصنعها، فهي طائرة بلاستيكية صغيرة بدون مقعد، يتم التحكم فيها عن طريق سلك كهربائي طويل، وهي تقلع عمودياً بارتفاع متر واحد، وليس بها ماتور دفع للأمام، لأنها مصنوعة لابن تاجر من مركز أرمنت – محافظة الأقصر، وتم الاتفاق على سعرها وهو “200 جنيه” فقط !. الطائرة تعمل بماتور غسّالة، موصّل ببطارية 12 فولت، ولها جناحان من البلاستيك وذيل من مواسير البلاستيك، وتطير عند توصيل التيار الكهربائي، وتهبط عند فصله.
ونعود مرة أخرى إلى البالون (المنطاد)، الذي أتى على المنزل الطيني المتواضع للشاب المخترع – المنزل الذي لم يتمكن صاحبه بعد من ادخال الماء له لتكلفته العالية – إذ أحترق البالون واحترق معه المنزل برمّته، وقامت الحكومة وقتذاك بتعويضه عن خسائره بمبلغ “500 جنيه” فقط، ولكنه أعاد صناعة المنطاد مرة أخرى.
ولعادل فهيم ذكريات مع هذا “المنطاد المحترق”، وذلك عندما مرض ابنه الأوسط “أحمد” وقت المساء، ولم يجد وسيلة مواصلات لحمله إلى الطبيب المتواجد بقرية “نجع البركة” التي تبعد عن منزله مسافة 5 كيلومترات تقريباً، فحمل ولده ثم قام بتشغيل المنطاد “وطار” به إلى الطبيب، ثم عاد به مرة أخرى، وكانت هذه الرحلة هي أشهر رحلاته (وطلعاته الجويّة)، وبعدها احترق المنطاد واحترق معه المنزل.
ولعادل فهيم ذكريات مع هذا “المنطاد المحترق”، وذلك عندما مرض ابنه الأوسط “أحمد” وقت المساء، ولم يجد وسيلة مواصلات لحمله إلى الطبيب المتواجد بقرية “نجع البركة” التي تبعد عن منزله مسافة 5 كيلومترات تقريباً، فحمل ولده ثم قام بتشغيل المنطاد “وطار” به إلى الطبيب، ثم عاد به مرة أخرى، وكانت هذه الرحلة هي أشهر رحلاته (وطلعاته الجويّة)، وبعدها احترق المنطاد واحترق معه المنزل.
يتكون المنطاد من بالون حريري (يُستخدم في الأفراح)، وصندوق خشبي ارتفاعه أقل من متر، وماتور هواء (ماتور رش مبيدات النباتات)، وأنبوب بوتاجاز، وخرطوم يدمج غاز الأنبوب مع التيار الهوائي وينفخ البالون للطيران، عند امتلاء البالون بالهواء يصبح طوله أكثر من ثلاثة أمتار، وعرضه قريب من ذلك، ويُحلّق المنطاد بارتفاع 15 متر أو أكثر قليلاً، ويتم التحكم في تسيير المنطاد بواسطة أربعة حبال، مشدودة إلى ماسورة ضخ الغاز والهواء.
يقوم أيضاً “المخترع القنائي” بصنع طائرات وسيارات وعرائس ومزامير وألعاب كثيرة للأطفال، من الخشب والبلاستيك والصفيح، ويبيعها بأسعار زهيدة، بين الجنيه الواحد والجنيهان !.
يقوم أحياناً بالتنزّه بسيارته .. وهو الفقير المُعدم !، تتكون سيارته تلك من نصف أمامي ونصف خلفي !، النصف الأمامي عبارة عن هيكل سيارة “سوزوكي” تالفة، بها كابينة وثلاث دواسات ومقود وعصا غيّارات، ونصفها الخلفي عبارة عن هيكل “التوك توك” الخاص بعادل فهيم، مع تغطيته بعدد من الصفائح والقطع البلاستيكية، ودهنه بالألوان الجميلة، التي تجعل الناظر من بعيد يظن أنها سيارة حقيقية، رغم كونها تعمل بماتور “موتوسيكل”، حتى أن ضباط المرور عندما يرون السيارة ويعرفون من “عادل” أنه صانعها، فإنهم يضحكون ولا يعاقبونه، وهو يشكرهم لذلك.
ويتأسف صاحبنا لعدم اهتمام الصحافة والإعلام به، رغم عدم خلو قريته الصغيرة من اعلاميين وصحافيين، بينما كان يتهرب كثيراً من دعوات من شخصيات “مرموقة” لمقابلته، وذلك خوفاً منهم، لربما يستغلونه في أهداف خاصة قد تأتي عليه دون أن يدري، وهو في غنى عن ذلك، وكل همّه صون أسرته وتربية أولاده الصغار، الذي لم يقدر على ادخال أي منهم إلى التعليم، لعجزه عن تكاليف الدراسة، رغم كون أكبرهم يبلغ من العمر 10 أعوام.
ومن الغريب أنه برر عدم استخدامه لأية أجهزة تليفونية محمولة، بسبب خوفه من الذبذبات التي تصدرها تلك الأجهزة، مما تتسبب في تدمير خلايا المخ والأعصاب، وذلك طبقاً لما سمعه في أحد البرامج التليفزيونية عن أضرار الهواتف المحمولة على جسم الإنسان.
أما عن أحلامه، فتتلخص في توفير ورشة ميكانيكية له، تتيح له تطوير مبتكراته، وابتكار المزيد منها، وترويج بضاعته حتى يجد منها ما يوفر له حياة كريمة، لطالما كان يحلم بها في بلاده مصر “أم الدنيا”.
ومن الغريب أنه برر عدم استخدامه لأية أجهزة تليفونية محمولة، بسبب خوفه من الذبذبات التي تصدرها تلك الأجهزة، مما تتسبب في تدمير خلايا المخ والأعصاب، وذلك طبقاً لما سمعه في أحد البرامج التليفزيونية عن أضرار الهواتف المحمولة على جسم الإنسان.
أما عن أحلامه، فتتلخص في توفير ورشة ميكانيكية له، تتيح له تطوير مبتكراته، وابتكار المزيد منها، وترويج بضاعته حتى يجد منها ما يوفر له حياة كريمة، لطالما كان يحلم بها في بلاده مصر “أم الدنيا”.
اعداد: أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي
عضو اللجنة العلمية لبحوث التاريخ والأنساب بالسجادة العنانية العمرية
عضو اللجنة العلمية لبحوث التاريخ والأنساب بالسجادة العنانية العمرية