المسك بعض دم الغزال !!
سبحان الله ! ، أيها الأحبة : العلوم تتقاطع مع بعضها البعض ، وعندما نتناول أحد المواضيع بالبحث فقد نجد شق به له طابع جغرافي ، وحينها نضطر أن نتحدث في الجغرافية ونبحث في مراجعها ، وكذلك قد نجد نقطة فلسفية فنضطر حينها للجوء لكتب أهل الفلسفة ، وقد نجد مسألة عقدية في الدين اليهودي مثلاً ، وحينها حتما سنتجه للبحث في مصادر الديانة اليهودية ، وقد نجد معلومة مختصة بالتصوف وحينها لابد من البحث فيما يخص التصوف طرقاً ورجالاً وفلسفة ، وقد نجد شق طبي بحت ، فحينها لابد من النظر في كتب الأطباء ، وهكذا ... نعود إلى أصحاب كل علم لنتثبت منهم ، وعندما نبحث في التوراة مثلا عن نص به إشارة إلى سيدنا أبي بكر الصديق - مثل النص المنقول في كتاب السلالة البكرية - فهذا لا يعني اتباعي للدين اليهودي ! ، وعندما أبحث في كتب المتصوفة فهذا لا يعني أن صوفي ، وإن بحثت في كتب ابن تيمية وابن عبد الوهاب فهذا لا يعني أني حنبلي المذهب مثلاً ؟ إنما أنا باحث ولا بد لي من خوض كل البحار بحثاً عن المعلومة ، وإني لي ديني وعقيدتي ومذهبي وقناعاتي وثقافتي الشخصية الخاصة التي لا تتأثر سلباً بما أبحث فيه .
أحد الأفاضل بالأمس عندما وجدني نشرت استفسار له علاقة بتاريخ أحد الطرق الصوفية (فيما يخص نسب مؤسسي الطريقة، ونطاق انتشارها الجغرافي) ظن أني تكلمت فيما لا يفيد ، حيث أنه من الذين لا يرون فائدة من التصوف .. وقال لي ما معناه: تحدث فيما يفيد الناس .. فالصوفية لا تفيد ؟! (ثم قام بحظر صفحتي) ولم يدري أخي : أن المسك بعض دم الغزال ! ، وأنه لا ضرر من البحث في كل فن وعلم .. ليكون وسيلة لبلوغ غاية أهم !
رحم الله جدي كان يقول : (افهمني وابطحني) ، أي افهم مقصدي جيداً أولاً ، وبعدها افعل ما تشاء !! ...
*مرفق صورة لي داخل قاعة الصلاة بدير مار بقطر بصحراء نقادة بغربي النيل - محافظة قنا ، في رحلة بحثية لتوثيق تاريخ بلادي .
الدعباسي