من
نيل (مصر) إلى أرض (كاظمة) التحيات
تحية
من بحر النيل العظيم، إلى أرض كاظمة (دولة الكويت)، الدولة الإسلامية، السُنيّة،
العربية، الشقيقة. نسطرها بعد أن هالنا ما رأيناه من تراشق، بسبب فتنة بعثتها ناقة
جرباء؛ لتفتن بين الإخوة والأحباب، ولتنال من الجوزاء بظنها الخائب، ولكن هيهات أن
ينال الثرى من الثريا، وتبقى مصر – قبل وبعد ذلك - بلد الحضارة، مِن قبل أن يعرف
الإنسان الزراعة والكتابة والتأريخ. تبقى مصر أم الدنيا، وصاحبة حضارات ما قبل
التاريخ.
بعض
أهل مصر غضبوا – ولهم الحق – من تطاول تلك الآثمة عليهم، وهُم الكرام الأحرار،
ولكن ساقهم هذا الغضب بعيداً، حتى نالوا من إخوانهم أهل الكويت، ولأنني مصري؛ أحببت
أن أبيّن وأن أقول لبني وطني أن يكظموا غيظهم تجاه أختهم (كاظمة).
وأما
كاظمة فهي أرض على الشاطئ الغربي لخليج العرب المتفرع من المحيط الهندي، تقع بين
بلاد الأحساء جنوباً، وأرض البصرة والعراق شمالاً، وهي أميل حالاً وأشبه بأرض
الأحساء، وقد عُرِفَت باسم (الكويت)، ولعله تصغير من اسم مدينة (الكوت) البصرية
العراقية القريبة منها. وهي صغيرة المساحة، قليلة النبات، غالبية أهلها مسلمون،
سنة، عرب. ولذا فهم منّا ونحن منهم.
بل
إن فيها قبائلاً لهم بنو عمومة أدنون بمصر، مثل قبائل: العوازم، والرشايدة، ومطير،
وحرب، والسادة الطبطبائية الحسنية، والأعرجية الحسينية، والعتيقية الصديقية البكرية،
وغير ذلك. فهم إخواننا في النسب.
وأما
قلة العدد فهذا مما لا يُعاب به المرء، وقد كفى السمؤال بن عادياء الرد إذ قال:
إِذا
المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ ... فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن
هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها ... فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا
أَنّا قَليلٌ عَديدُنا .... فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وإنّي
أربأ بإخواني أن يسيروا على خُطى فرعون، إذ عاير بني إسرائيل بقلة العدد فقال: (إِنَّ
هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) [سورة الشعراء: 54].
وأما
بداوتهم السابقة، فهي نفس بداوة قرابة نصف أهل مصر، السابقة والحالية، فلا يزال
كثير من أهل مصر بادية، بسيناء ومطروح والصحراء الشرقية والغربية وأطراف الصعيد.
وقد كان أنبياء الله: شعيب، ويعقوب، ويوسف – عليهم السلام – يعيشون في البادية،
وكانت خير أمة أخرجت للناس أمة بدوية في غالبها، بُعث منها خير البشر صلى الله
عليه وسلم.
وأمّا
فقرهم السابق، فقد كنّا فقراء وأغنانا الله، فكم مرّت على مصر من أزمات ومجاعات،
فالأرزاق بيد الكريم الوهّاب، والمسلم لا يمنّ على أخيه، فلله المن والفضل كله. وإن
أهلنا في الكويت لا أراهم يجحدون فضل ذي فضل أبداً، وقد عرفت بعضهم عن قرب، وكانوا
من خيرة من رأيتُ من عرب الخليج، يغلب عليهم التواضع والكرم، وسلامة الصدر وحُسن
المقال.
فنسأل
الله أن يديم المحبة والألفة بين الأشقاء، وأن لا يدع بينهما مكاناً للشقاق، وأن
ينال أصحاب الفتنة الجزاء العادل الرادع، ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر، وما يُدرينا
لعل وراء الأكمة ما وراءها؟ فأعدائنا لن يكفّوا عن محاولة الوقيعة بيننا، ولكن
الله المستعان، وهو الغالب. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه/
أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي