هي مقالتي الأولى بصحيفة صوت الصعيد ...
تُلقي بظلالها على الوهم القديم لدى الأمم والقداسة التي أعطوها في مخيلاتهم لصور من أحبوهم من المشاهير ، مثل المسيح بن مريم عليه السلام ، وعلي بن أبي طالب وكثير من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم . مقال مُستخرجة مادته من بطون كتب السير والتراجم والتواريخ ، ندعوا الله أن يقدم إفادة للقارئ الكريم . تحياتي / أحمد الدعباسي .
نسج الخيال ومنتهى الجمال
عن صفة وحِلية المشاهير
تالله ما أنصف من المُحبين إلا قليلاً ! ، وكيف يكون الإنصاف ومرآة المُحب عمياء كما قال الأولون ؟! . يُحب الإنسان فيبالغ في وصف معشوقه حال رؤيته ، فيشبهه بالقمر وبالشمس والنجوم ، بل ويشبهه بما لم تره عينه كالحور العين ! ، هذا حاله في وصف معشوقه الذي رآه وأبصره ، فما بالنا بوصفه لمعشوق له لم يبصره أو يقابله ؟! .
قد أحب كل قوم أنبيائهم وعظمائهم وحكمائهم ، ومدحوهم بكل قول حسن ، وبكل فعل بديع ، فرسموا صورهم في بطون الكتب بالمداد والحبر والقلم ، وصوّروهم على الجدران والأحجار والأخشاب والصلبان ، وبالغوا في وصف من أحبوا ، فتلك شيمتهم لا ولم ولن تتغير .
أحب النصارى مسيحهم ابن مريم الناصري ، وهو رجل من بني إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم إخوة العرب بنو إسماعيل بن إبراهيم وبنو عمومة الأراميين والكلدانيين والأشوريين وغيرهم من أمم بلاد الهلال الخصيب وشمالي جزيرة العرب ، وهم كما هم اليوم في أشكالهم وأبدانهم لم يتغيروا ، إذ لم يتغير مناخ بلادهم عمّا كان عليه منذ ثلاثة آلاف عام .
قام نصارى الروم ومن شايعهم برسم صورة المسيح وأمه كأجمل ما يكون الرجل والمرأة منهم ، شعرٌ أشقر وعينٌ خضراء أو زرقاء وأنفٌ دقيق وبشرةٌ بيضاء مشربة بحمرة ، وكأن المسيح قد وُلِد فوق رُبى سيبيريا أو في سهول جبال الألب ؟! .
وعلى النقيض قام الأحباش والزنوج في قارتهم السمراء برسم صورة المسيح بهيئاتهم وألوانهم ، ذو شعر أجعد ذا تلافيف ، وبشرة سمراء داكنة وشفاه غليظة وقوام ممشوق قوي ، وكأن العذراء قد ولدت وليدها في حديقة النجاشي ؟! .
هكذا هي الأمم دوماً ، تُحب فتبالغ في وصف من تحب ، كُلٌ يصف من منظوره وزاويته وحاله ، ولم يكن العرب عن هذا ببعيد ، إذ بالغوا في وصف صحب نبينا الكريم وآل بيته الأطهار ، واتّبعوا سنن من كان قبلهم ، خاصة فِرق الروافض ومن على شاكلتهم ، ولمّا أراد هؤلاء الروافض تصوير شكل الإمام علي بن أبي طالب ، فإنهم رسموا له صورة شبيهة بأشكال أهل أوروبا ! ، رغم أنه من غُرر وصميم العرب ، وحِليته في الكتب تذكُر أنه كان أسمر اللون ، شديد السمرة ، ولم يكن طويلاً كثيراً كما يصوروه ، بل إنه كان إلى القصر أقرب .. رضي الله عنه .
أما سيدنا محمد رسول الله فكان كما وُصِف : أجمل الناس خَلقاً وأحسنهم خُلقاً ، أبيض اللون مشرّب بحمرة ، ولم يكن يشبهه في الخَلق إلا القليل من صحابته وقرابته، ومنهم: الحسن والحسين وجعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومصعب بن عمير .
أما بقية نُبهاء العرب في الجاهلية ، وأعلامهم في الإسلام ، فليسوا كما صُوّر لنا في الإعلام المرئي ! ، فكان القائمون على هذا الإعلام – السيئ - يُشنِّعون من صور أهل الجاهلية ، ويُبالغون في وصف أهل الإسلام ، وإن الحق أحق أن يُتبع ، وإليكم قائمة ببعض صفات هؤلاء الأقوام الأعلام في الجاهلية والإسلام ، كما أخبرنا ونقلها لنا أصحاب السير والتواريخ والأخبار :
- أبو بكر الصديق: أبيض نحيف ، خفيف العارضين ، ناتئ الجبهة ، إحدى عينيه يختلف لونها عن الأخرى "أخيف" دون داء بها ، أحنى الظهر قليلاً .
- عمر بن الخطاب: طويل ، أبيض أصابه السواد عام الرمادة ، أصلع .
- عثمان بن عفان: أسمر ، ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، كثير شعر الرأس .
- علي بن أبي طالب: أسمر شديد السمرة ، ربعة يميل إلى القصر ، عريض أبيض اللحية ، قليل شعر الرأس وأصابه الصلع بعد أن تقدم في العمر ، ضخم البطن .
- عبد الرحمن بن عوف: طويل رقيق البشرة ، مشرب بحمرة .
- طلحة بن عبيد الله: أسمر ، كثير الشعر ، أحد أصابع يده مشلولة "أصيبت في غزوة أحد".
- بلال بن رباح: أسمر شديد السمرة ، طويل نحيف ، خفيف العارضين ، كثير الشعر .
- عمار بن ياسر: أسمر شديد السمرة ، طويل .
- عبد الله بن الزبير: طويل ، نحيف ، خفيف اللحية جداً .
وتروي كتب الأخبار أن ممن أصابهم العمى من الأشراف: العباس بن عبد المطلب ، وأبو سفيان بن حرب وكان قبلها أعوراً إذ أصيبت عينه في إحدى المغازي. وممن ذهبت إحدى أعينهم في الحروب أيضاً : المغيرة بن شعبة الثقفي والأشعث بن قيس الكندي وعدي بن حاتم الطائي .
وكان هشام بن عبد الملك الأموي أحول العين ، وكذا زياد بن أبيه. وكان أبان بن عثمان بن عفان أصم أبرص أحول ، وكان أبو الأسود الدؤلي أعرج أبخر .
كما كان أبو طالب بن عبد المطلب أعرج ، ومثله الصحابي عمرو بن الجموح الأنصاري ، وكان أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب أحمر اللون حتى دعاه قومه "أبو لهب" وقد كان أحول العين ، وكذلك كان أبو جهل عمرو بن هشام أحول.
بقلم / أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي